اشار البطريرك الماروني ​بشارة الراعي​ خلال ترؤسه قداس الأحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح كابيلا القيامة رفع فيه الصلاة لراحة نفس المثلث الرحمة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير ومثلث الرحمة المطران رولان ابو جودة، الى اننا "نقدم الذبيحة الإلهية اليوم، مع صلاة وضع البخور في نهايتها، لراحة المثلثي الرحمة أبينا البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، وأخينا المطران رولان أبو جوده. وقد دعاهما الله إليه في غضون أسبوع، للدلالة على اتحادهما بالمحبة والخدمة المتفانية في البطريركية مدة أربع وأربعين سنة، قائمة على الصلاة والتجرد والعطاء بدون حساب. نسأل الله أن يشركهما في وليمة عرس الحمل، وهما متشحان بثوب النعمة الناصع البياض".

وتابع الراعي: "لقد آلمتنا في العمق، كما جميع الناس، داخليا وخارجيا، الإساءة النكراء التي لحقت في الأمس، بالمثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، وجثمانه في مثواه على أرضنا، وروحه تنعم بالرؤية السعيدة في السماء. لقد خطر في بالي مشهد الجندي الروماني الذي طعن بالحربة قلب يسوع الميت على الصليب، فكان جواب المسيح الفادي أن جرى من قلبه دم وماء. الدم هو الرمز لحبه الغافر والداعي إلى التوبة وتغيير مجرى الحياة السيئة. والماء رمز لماء المعمودية الذي نولد منه أبناء وبنات الله جددا. هذه هي الثقافة الروحية والأخلاقية التي ينبغي أن تبثها دائما المسيحية في ثقافات الشعوب والأمم".

اضاف الراعي "السؤال الذي وجهه الرب يسوع إلى سمعان - بطرس للتأكد من حبه المميز له، هو إياه وجهه على التوالي إلى المثلثي الرحمة. وجهه إلى الشاب نصرالله في ريفون، عندما سلمه محبته ليحملها إلى الذين افتداهم، بالدعوات المتتالية إلى كل من رسالة الكهنوت والأسقفية والبطريركية والكردينالية. كما فعل مع الشاب رولان في جل الديب، عندما خصه بالدعوتين: إلى الكهنوت والأسقفية. فهم كلاهما أن الدعوة، على أنواعها، هي الشهادة لمحبة المسيح، وأن المسؤولية، بقدر ما ترتفع درجتها، ترتفع أيضا في واجب التفاني في الخدمة المتجردة حتى الموت عن الذات. فبعد السؤال والجواب المثلثين بين يسوع وسمعان بطرس، تنبأ له الرب عن موته في سبيله وسبيل رسالة الكنيسة للفداء، وختم قائلا: "إتبعني" في هذا الطريق. هكذا فعل مثلثا الرحمة اللذان يبقيان لنا المثال والقدوة، وهما يشفعان بنا لدى العرش الإلهي. وإذ نصلي لراحة نفسيهما، نعرب عن تعازينا الحارة لإخواننا السادة المطارنة، أعضاء السينودس المقدس، ولأهلهما وأنسبائهما، ولاسيما من آل صفير وأبو جوده الأحباء".

وقال: "سؤال الرب يسوع إياه موجه إلى كل واحد من الذين دعاهم الى الدرجة المقدسة في الشماسية والكهنوت والأسقفية. فإذ يشركهم الكاهن الأزلي و"راعي الرعاة" يسوع المسيح في سلطانه الكهنوتي المثلث: التعليم والتقديس والرعاية، إنما يشركهم أولا في رسالة محبته وخدمته المتفانية والمضحية وحمل صليب الفداء. والسؤال موجه إلى كل الذين واللواتي دعاهم المسيح للسير على خطاه إلى المحبة الكاملة في الحالة الرهبانية عبر نذور الطاعة والعفة والفقر. فمن واجب المسؤولين الكنسيين، أكانوا في الرعية أم في الأبرشية أم في الرهبانية، أن يعتبروا أن النفوس هي "خراف المسيح" التي افتداها بدمه، لا خرافهم هم، ما يعني خدمتها ومقاربتها بروح المسيح "الراعي الصالح الذي يبذل نفسه فدى عن الخراف".

والسؤال موجه أيضا إلى كل مسؤول في المجتمع والدولة، وفقا لنوع مسؤوليته ودرجتها. فرسالتهم إنما هي ممارسة مسؤوليتهم وسلطتهم بحب وبروح الخدمة والعمل الدؤوب من أجل توفير الخير العام، الذي منه خير جميع المواطنين وكل مواطن. هذا الخير العام يوفره المسؤولون عندما يشمل كلا من الشأن الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي والاداري والثقافي. فتتأمن هكذا أوضاع الحياة الاجتماعية التي تمكن الأشخاص والجماعات من تحقيق ذواتهم تحقيقا أفضل".

وختم الراعي: "إننا نصلي إلى الله من أجل كل مسؤول في الكنيسة والمجتمع والدولة، لكي يعي موجبات سلطته تجاه الله والناس، ويهتدي بأنوار الروح ​القدس​ في فن خدمة الخير العام بالتفاني والتجرد، لمجد الله والواحد والثالوث الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

بعد القداس، استقبل الراعي في صالون الصرح المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية، الذين قدموا التعازي بصفير.