دخلت ​الدول الخليجية​ على خط الضغط على إيران من باب القمم العاجلة، فشكلت دعوة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز تحركا استباقيا للقمة الإسلامية المنوي عقدها في السعودية في 31 أيار، لـ"اتهام" طهران بالأحداث الأمنيّة التي حصلت في الخليج منذ أيّام واستهدفت محطتي ضخ نفط بالمملكة، وناقلات نفط في المياه الاقليميّة الإماراتية. كل هذه الاحداث تتسارع بوقت تستمر الإدارة الأميركيّة بمحاولة فرض الشروط على طهران قبل الاعلان عن "صفقة القرن".

"لا تهدد ايرانيا، جرّب الإحترام"، هكذا كرّر وزير الخارجية الإيراني ​محمد جواد ظريف​ عبارته الشهيرة اليوم متوجهاً للرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​. في المرة الأولى التي استخدمها، كانت خلال المفاوضات حول الإتفاق ​النووي الإيراني​، وانتصر ووصل إلى مراده يومها، ولكن اليوم، لا يزال مصير "طهران" بعد هذه العبارة مجهولا، فالانتصار لا يزال بعيد المنال، و"الحرب" لا تزال في أوجها.

يعرف ظريف جيداً إلى أين تتجه الأمور، ويعرف أيضاً أن ما تمر به بلاده اليوم، سيُسجّل في التاريخ، لكن ما لا يعلمه ترامب عن تاريخ إيران، ذكّره به ظريف اليوم أيضاً، مستعيدا المحاولات الفاشلة لكل من "الإسكندر المقدوني وجنكيز خان" عندما حاولا إخضاع إيران عبر التاريخ وفشلا.

بعيدا عن الدبلوماسية، تمرّ إيران اليوم في اللحظات الأخيرة ما قبل الإنفجار أو الإنفراج، وهذه اللحظات الأخيرة قد تطول حتى العام المقبل، تاريخ الانتخابات الاميركيّة، اذ تشير معلومات الى أن مسؤولين أميركيين معارضين لإدارة ترامب اوصلوا رسائل لطهران بأن تصبر لحين انتهاء ولاية ترامب، مشددين على أن بلادهم لا تريد الحرب، ولا يجب على إيران أن تنجرّ اليها.

أمام كل الضغط الأميركي ومن خلفه العربي على إيران، شهدت المنطقة والدول الخليجيّة بعض الأحداث التي يصعب معها عدم توجيه الأنظار عليها، ففي الثامن من أيار، أعلن الرئيس الإيراني ​حسن روحاني​ وقف التزام بلاده ببعض نقاط الإتفاق النووي الإيراني، ومن ثم كرّت سبحة الأحداث، التي يمكن اعتبارها كرسالة من "مجهول" لمن يعنيه الأمر. بداية، استهدفت ناقلات للنفط في الإمارات، قبل أن تقوم جماعة ​أنصار الله​ بهجوم على منشآت نفطية في الرياض. إلا أن آخر المفاجآت، كان استهداف السفارة الأميركيّة في بغداد بصاروخ لم يعرف مصدره.

إن كل هذه الاحداث بحسب متابعين يمكن أن تكون رسائل نارية إيرانية، مع العلم ان طهران لم تتبنّ أي منها، وهذا ما يراه المتابعون مقصودا، فالهدف ليس إعلان حرب بل الاستعداد للدفاع، فالنفط مقابل النفط، والامن مقابل الامن، والعقوبات مقابل التضييق على البحار، مشيرين الى أن الرسائل الإيرانية وصلت، فأظهرت الإدارة الاميركية بعدها بساعات "توقها" للسلام، واختيار التفاوض طريق الوصول الى الاهداف.

ترى مصادر متابعة ان إيران لن تعير اهتماما كبيرا لما سيجري في السعوديّة نهاية الشهر الجاري، فالقمم الخليجيّة باتت "سمفونية" تُكرر نفسها، مشيرة الى أنّ العرب أنفسهم باتوا غير مقتنعين بما يعقدونه من قمم، مشددة على أن إيران لن تجعل من دولة عربية عدوّة لها. وتضيف: "سيضع المسؤولون الإيرانيون ما يجري بسياق الطلبات الاميركيّة الممهّدة لإعلان صفقة القرن، خصوصا بعد أن سُرّبت معلومات عن نيّة ترامب الإعلان مستقبلا عن "إدارة" جديدة للدول العربيّة و​الشرق الأوسط​، تكون جامعة الدول العربيّة بعيدة عنها وتضمّ السعودية، الامارات، ومصر، و​اسرائيل​"، مشيرة الى أن ​أميركا​ تعلم بانّ الصفقة ستفشل بحال كانت إيران بكامل جهوزيتها للمواجهة.

تكثر الأحداث على أبواب الصيف، ولكن لم تصل الامور الى حافة الإنفجار، وربما لن تصل بحسب المصادر التي ترى بالهجوم الاسرائيلي على ​سوريا​ الأسبوع الماضي دليلا على احترام كل الاطراف لقواعد الاشتباك. فهل تبقى المنطقة، رغم التوتّر تحت سقف الهدوء الامني؟.