أكد رئيس ​الجامعة الأنطونية​ الاب ميشال جلخ خلال إحياء الذكرى السنوية الثالثة والعشرين لتأسيس الجامعة، أن "التعليم الجامعيّ في ​لبنان​ بين متطلِّبات الجودة وإشكاليّات السوق"، مشيراً إلى "موضوع "الخدمة والتجارة وما بينهما"، مفيداً عن "انطلاقة ما يُعرف بتتجير التربية في تسعينيّات القرن الماضي، أي جعل التربية تجارةً مربحة، وهذا ما قلب معادلات كثيرة في الإدارة التربويَّة، و​اقتصاد​ التربية، وحتى في قِيم العمليّة التربويّة نفسها، وفرضت على أيّ محاولة إصلاحيّة أن تأخذ في الاعتبار تنافر المعايير والاعتبارات بين أنساق مختلفة من المؤسّسات لا يجوز لصنّاع السياسات أن يعاملوها بالطريقة نفسها".

وعن موضوع ​التعليم العالي​ اللبنانيّ إزاء التوقّعات المجتمعيَّة المتناقضة، رأى الأب جلخ أن "هذه المسؤوليَّةُ تتَّخذُ أشكالًا متنوِّعة، تجاه المجتمع اللبنانيّ، منها ما هو مُحقٌّ ومنها ما هو فائضُ شكوى وطلبٍ لا يَعرف إلى أين يتَّجه، فينصَبُّ على من هم في واجهة الخدمة، و​الجامعات​ُ منهم وفي المُحصّلة، ليس أسهل من التعليم العالي في لبنان إن نظرت إليه كاستثمار معيارُه الوحيد الربحيَّة لكن، ليست سهلة البتَّة مهمَّته إن أنت نظرت إليها من وجهة الرسالة والدور".

ثم تطرق إلى التعليم العالي في لبنان، منوّهًا بـ"تقدّم هذا القطاع وسمعته الطيِّبة بالرغم من فضائح الشهادات المزوَّرة التي انكشفت مؤخَّرًا"، مؤكدًا أنه "يمكننا القول إنَّ قطاع التعليم العالي هو واحد من أسباب الخلطة السحريّة التي تجعل لبنان"، لافتاً إلى "هشاشات متجذِّرة، إضافة إلى مخاطرَ تأتيه من التغيرُّات السريعة في ​العلوم​ والتكنولوجيّات و​الاقتصاد​ وسواها، يقابلها بطء المعاملات والتطويرات في الدوائر الرسميَّة المختصَّة، أكد الأب جلخ "أنَّ لبنان يعاني تخمة، لا شِحًّا، في عدد مؤسَّسات التعليم العالي، تخمة تعود بشكل أساسيٍّ إلى تضخُّم كمِّيٍّ في التراخيص لم تُراعَ فيه لا اعتبارات الجودة، ولا مقتضيات التكامل بين المؤسَّسات المختلفة، فكانت نتيجتُه الأساسيَّة هيمنةَ جوٍّ من التنافس غير المضبوط وغير البنّاء".

وشدد على أن "الحاجة في لبنان نوعيَّة وليست كمِّيَّة إذًا؛ من هنا توصية ​تقرير​ ماكنزي، مثلًا، بزيادة القدرة الاستيعابيَّة للجامعات الفضلى، لأنَّ التخمة ليست سوى ظاهريَّة والواقع أنّ محاولة حلّ مشكلة فرص التعليم الجامعي من دون تخطيط دقيق ومن دون رقابة على الجودة وحاجات السوق، لا تحِلُّ مسألة عدد فرص التعليم إلّا شكليًّا"، معتبراً "أنَّ أبرز أوجه الأزمة تكمن في: تضاؤل مساحات الاختلاط الاجتماعيّ على صعيد الجسم الطلّابيّ، والتشبيك بين أعضاء الجسم التعليميّ، ضعف إسهام التعليم العالي اللبنانيِّ في الحركة السكّانيَّة الجغرافيَّة، ضعف إسهام التعليم العالي، ولا سيّما الجامعة اللبنانيَّة، في الترقّي الاجتماعيّ، أزمات عديدة وعميقة في ما يتعلَّق بسوق العمل المتوفِّر لخرِّيجي الجامعات؛ صعوبة حقيقيَّة في مواكبة التطوُّرات على مستوى سوق العمل عالميًّا، وفي بناء قوَّة عاملة تنافسيّة، إلّا أنّ المشكلات الأكثر إلحاحًا تبقى: انخراط الخرّيجين في سوق العمل، ضمان الجودة؛ ضعف البنى والموارد الخاصّة بالبحث العلميّ".

​​​​​​​