"يُفرَض رسم مقطوع قدره 1000 ليرة لبنانية على كل نفَس نرجيلة يًقدَّم في الفنادق والملاهي والمطاعم والمقاهي والحانات التي أجاز لها القانون تقديم النرجيلة"...

هذا النص هو حرفية ما ورد في مشروع ​قانون الموازنة​ في أحدث طبعة لها تحت عنوان:

"فرض رسم مقطوع على تقديم النرجيلة في الأماكن المرخص بها"...

***

الأمر ليس مزحة على الإطلاق، لكن السلطة التنفيذية تمارس أعلى درجات النكد في حق الناس... النرجيلة هي آخر خرطوشة لديهم لتنفيس منسوب الإحتقان الذي تسبب به أداء السلطة، لكن حتى "النفس الأخير" فإن السلطة تلاحقهم عليه.

***

اللبناني "يؤرغِل" كل يوم تقريبًا، أي عليه أن يدفع ثلاثين ألف ليرة شهريًا أي نحو عشرين دولارًا أميركيًا كل شهر، فكيف تفتقت هذه العبقرية لدى السلطة التنفيذية لتلاحق اللبناني في

"النَفَس" الذي يُنفِّس عنه ضغوط الحياة؟

فعلًا، سلطة تسعى إلى سعادة أبنائها.

***

وعلى "سيرة السعادة"، لا بد من التذكير أن دولة ​الإمارات العربية المتحدة​ استحدثت وزير دولة للسعادة ومن أهم مهامه ملاءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع. استحدث هذا المنصب منذ ثلاثة أعوام وليس منذ اليوم، وكانت أول وزيرة إمرأة...

***

نحن في لبنان يستحيل ان ننشئ وزارة للسعادة لشعب لا يعرف إلا التعاسة... في الإمارات شعبٌ يعرف السعادة لأن دولته تؤمنها له، في لبنان، إذا أُنشئت وزارة السعادة فإنها بالتأكيد ستكون "وزارة من دون شعب"، ويصبح لزامًا عليها ان تستورد سعداء لتكون الوزارة وزارة عليهم!

نعم، شرُّ البلية ما يُضحِك، وبالاحرى ما يُحبِط وليس ما يُضحِك، فحين تمتد اليد إلى إحدى وسائل التخفيف عن النفس، إلى النرجيلة، فعن أي سعادة تتحدثون؟

لماذا لا تستوفون ضرائب وغرامات عن ​المقالع والكسارات​ والمرامل ولا سيما تلك غير المرخصة، وهي بالآلاف؟

لماذا لا تستوفون الغرامات المستحقة عن الأَملاك البحرية التي هي ملكٌ عام وتُستثمَر لمصالح خاصة؟ وتوفر لخزينة الدولة مئات ملايين الدولارات؟

تذهبون إلى الأسهل ولا تجرؤون على الذهاب إلى الأصعب!

تمتد أياديكم على الضعيف الذي هو دائمًا تحت القانون ويدفع ​الضرائب​ حتى آخر قرش، وتخشون الإقتراب ممن دخلوا نادي أصحاب مئات الملايين لأنهم أقوياء وفوق القانون وتهابونهم.

***

إن كل ما ستجمعونه من مئات آلاف "نفس النرجيلة" لا يوازي رسومًا تهرَّب منها تاجر نجح في تهريب بضاعته ومتعهدٌ نجح في الفوز بمناقصة "ملغومة التسعيرة"، وفائز بمناقصة في ​مطار بيروت​، فلماذا تذهبون إلى الجيوب الصغيرة؟