سُجّل أخيراً استنفار سياسي فلسطيني لافت على الساحة اللبنانية، خصوصاً إستنفار حركة «حماس» يترافق مع محاولات إمرار «صفقة القرن» والتحضيرات لمؤتمر البحرين وتصاعد التوتر الإيراني - الأميركي، وإعادة فتح ملف المخيمات في لبنان من بوابة اتفاق «المية ومية». ما الأهداف الكامنة خلف الحراك الفلسطيني؟ وماذا دار في اللقاءات التي تمّت مع المسؤولين اللبنانيين وكذلك بين الفصائل؟

على وقع الاستحقاقات الداهمة في المنطقة، زار وفد قيادي من «حماس» كلّاً من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. وعُلم انّ الوفد أطلع المسؤولين اللبنانيين على حصيلة المعركة الاخيرة في غزة ومجريات الوساطات القطرية والمصرية والأُممية، مؤكداً «أنّ المقاومة الفلسطينية قوية وهي في خير، وأنه تمّ تثبيت حقّ الرد على أيِّ عدوان إسرائيلي وإجبار العدوّ على العودة الى التفاهمات السابقة».

وتطرق البحث مع بري والحريري الى المؤتمر الاقتصادي الذي دعت واشنطن الى عقده في البحرين بمشاركة إسرائيلية، في 25 و26 حزيران المقبل بعنوان «السلام من أجل الازدهار»، للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية. وقد نبّه وفد «حماس» الى مخاطر هذا المؤتمر الذي يمهّد لتنفيذ صفقة القرن، ملاحظاً أنّ ما هو معروض على الفلسطينيين انخفض من سقف «الأرض مقابل السلام» الى «الإقتصاد مقابل السلام»، فيما أكد رئيسا المجلس النيابي والحكومة أنّ لبنان لن يشارك في المؤتمر إذا دُعي إليه، إنطلاقاً من مبدأ رفض أيّ تطبيع مع إسرائيل.

كذلك، تمّ خلال الاجتماعات التشديد على ضرورة تحصين الموقف الفلسطيني في مواجهة «صفقة القرن»، خصوصاً أنّ المواقف المعلنة تشير الى إجماع على رفضها ويشمل السلطة برئاسة محمود عباس وكل الفصائل. وكان لافتاً قول الحريري لضيوفه إنّ كل الدول العربية تعارض «الصفقة»، فأجابه وفد «حماس» أنّ ذلك ممتاز، مفضّلاً عدم الخوض في نقاش حول دقة هذا الطرح وما إذا كانت كل الدول العربية بلا استثناء تعارض «الصفقة» فعلاً.

وشمل البحث أيضاً وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان، من الناحيتين الأمنية والاجتماعية، حيث أبدى الجانبان اللبناني والفلسطيني ارتياحَهما الى مسار تطبيق تفاهم «المية والمية» الذي ألغى المظاهر المسلحة وأعاد الاستقرار الى المخيم. وفيما أكد وفد «حماس» حرصه على الاستقرار في المخيمات وجوارها اللبناني، لفت بري الى اأنّ طاولة الحوار المنعقدة في آذار 2006 اتّخذت قراراً بتنظيم السلاح الفلسطيني، وبالتالي فإنّ اتفاقَ «المية ومية» يندرج في هذا السياق.

وتمنى «الوفد الحمساوي» على بري المساهمة في إعادة تفعيل «هيئة العمل الفلسطيني المشترَك» التي كانت قد تشكلت سابقاً برعايته، بعد استضافته في عين التينة إجتماعاً ضمّ 20 فصيلاً لتعزيز التنسيق بينها، فأكد أنه سيُجري الاتصالات اللازمة مع المعنيين لإعادة تنشيط دور الهيئة.

وعند طرح مسألة الحقوق الاجتماعية والإنسانية للّاجئين في المخيمات، أبدى بري والحريري دعمهما لاستئناف الحوار اللبناني - الفلسطيني في هذا الشأن، واستعدادَهما لتسهيل إقرار التوصيات التي ستصدر عنه في الحكومة ومجلس النواب، على قاعدة رفض التوطين واحترام سيادة لبنان وحق العودة.

وعلمت «الجمهورية» انّ اجتماعاً تمهيدياً سيُعقد اليوم في السراي الحكومي بين رئيس لجنة الحوار الوزير السابق حسن منيمنة، ووفد من سبعة فصائل برئاسة فتحي ابو عردات يمثل القوى الفلسطينية، لمناقشة جدول أعمال الحوار الموسَّع الذي يُفترض أن يتجدّد قريباً في حضور ممثلين عن الكتل النيابية اللبنانية الأساسية.

تجدر الاشارة الى أنّ وفد «حماس» الذي جال على المسؤولين اللبنانيين ضمّ عضو المكتب السياسي ورئيس مكتب العلاقات الإسلامية والعربية عزت الرشق وعضوي المكتب اسامة حمدان وممثل الحركة في لبنان علي بركة.

على خط آخر، عُقد إجتماعٌ ليل الاثنين الماضي في بيروت بين قيادة «حماس» برئاسة نائب رئيس مكتبها السياسي الشيخ صالح العاروري والأمناء العامين للفصائل المندرجة في «التحالف» المكوّن من: «حماس»، «الجهاد»، «الجبهة الشعبية - القيادة العامة»، «الصاعقة»، «فتح الانتفاضة»، «جبهة التحرير الفلسطينية»، «الحزب الشيوعي الفلسطيني»، و«جبهة النضال الشعبي». وقد حضر قادة هذه الفصائل من دمشق للمشاركة في هذا الاجتماع المركزي الذي ناقش التوتر في الخليج بين طهران وواشنطن، واحتمال نشوب الحرب وتداعياتها المحتملة على القضية الفلسطينية.

وقرر المجتمعون تشكيل وفد من قيادة «التحالف» للقاء «حزب الله» والإيرانيين، والتداول معهم في حقيقة الوضع والاتجاه الذي يمكن أن يأخذه تصعيداً أو تهدئة، حتى يكون التنسيق في أعلى مستوياته تحسّباً لكل الاحتمالات.

كذلك عقد امس الاول، في سياق التشاور، اجتماع بين قيادة «حماس» ونائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ونائب الأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية».