نقل زوار رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ عنه لصحيفة "الجمهورية انّ "​الموازنة​ التي يجري إعدادها هي موازنة إصلاحية، تستحق ان تُمنح الوقت اللازم لإنجازها بأفضل طريقة ممكنة"، مستغرباً "محاولة البعض الإيحاء بأنّ هناك أموراً تافهة تُناقش"، لافتاً الى انّ "العجز يرافق الموازنات منذ زمن طويل وهو تفاقم أخيراً وبلغ سقفاً غير مقبول، ما يستدعي اتخاذ التدابير الضرورية لخفضه"، مشددًا على انّ "المطلوب موازنة تخفّض العجز من جهة وتساهم في النمو من جهة أخرى"، منبّهاً الى انّ "دولة مكسورة أو منهوبة لا تستطيع ان تحقق النمو".

ولفت إلى أن "البعض يُقزّم المصلحة العامة ولا يراها إلاّ من نافذة جيبه ومنفعته الخاصة، أمّا الإجراءات التي ستتضمنها الموازنة فمن شأنها ان تحقق المصلحة العليا الحقيقية، وبالتالي هي أصبحت حتمية، وسواء وافق البعض عليها أم عارضها، فانّ هذه الإجراءات ستُعتمد لأنّها ممر إلزامي للخروج من المأزق"، مشيراً إلى أنه "لا يعتبر أن هناك مشكلة في المدة الطويلة التي استغرقها نقاش الموازنة في ​مجلس الوزراء​، ما دام البحث يتركّز على سبل خفض مكامن العجز والهدر وزيادة الإيرادات، للوصول الى موازنة مقبولة تحاكي التحدّيات، وتحظى بثقة ال​لبنان​يين والأسواق المالية".

واستغرب الرئيس عون "كيف انّ بعض السياسيين والاعلاميين يساهمون في إشاعة أجواء من الخوف والهلع لدى اللبنانيين، من دون الإستناد الى وقائع دقيقة، علماً أنّ من يشغل موقع المسؤولية، سواء في السلطة أو في الاعلام، يجب أن يكون متحفظاً في ما يطرحه"، مؤكداً أنه "مطمئن الى مستقبل ​الوضع المالي​ والاقتصادي بعد عبور هذه المرحلة الصعبة التي سنتمكّن من تجاوزها بالمشاركة والشراكة بين الجميع، كلٌ من موقعه ووفق قدرته، جازماً بأن لا انهيار ولا إفلاس".

وأشار إلى أن "خيارنا الوحيد هو التغلّب على الأزمة الحالية، لأننا إذا سقطنا سنصبح تحت الوصاية المالية الدولية ونفقد قرارنا المستقل، وبالتالي فإنّ المعركة الاقتصادية التي نخوضها حالياً هي في أحد جوانبها جزء من معركة الدفاع عن السيادة والاستقلال، إضافة الى بُعدها الإنمائي والاصلاحي"، مشدداً على "أهمية أن يتخلّى ​الاقتصاد اللبناني​ عن طابعه الريعي ليغدو منتجاً".

واعتبر أن "الخلاف بين وزير المال ​علي حسن خليل​ ووزير الخارجية ​جبران باسيل​ على مشروع الموازنة، صحي"، لافتاً الى انّ "تباين الآراء في هذا الشأن ليس ضاراً، ما دام انّ الهدف هو تحسين مواصفات الموازنة واعتماد التدابير الأنسب لخفض معدل العجز"، مشيراً إلى ان "جميع الوزراء يجب ان يكونوا معنيين بالنقاش حول الموازنة، ومجلس الوزراء مكوّن من 30 وزيراً ولا يمكن اختصاره بأحد"، لافتاً إلى "وجود محاولة لتضليل اللبنانيين ودفعهم الى اليأس بهدف ضرب الإنجازات المحققة".

وشدّد على انّ "معركة ​مكافحة الفساد​ مستمرة وهي ستتواصل في كل المجالات"، مؤكداً أنه "ستكون هناك مشكلة مع من يحاول عرقلتها"، ملاحظاً انّ "اصوات الذين كانوا يزايدون علينا في مكافحة الفساد خفتت أخيراً، اما نحن فلم يتراجع عزمنا على المضي في مسيرة الإصلاح الى الأمام، وما حصل ويحصل من تصويب وتنقية في ​الضمان الاجتماعي​ والقضاء و​الجمارك​ و​قوى الامن الداخلي​ وغيرها من المؤسسات سيستمر والإصلاح بالنسبة الينا هو نهج دائم وليس موضة موسمية وقد يمنع وزير رفع الحصانة عن موظف في وزارته لبعض الوقت، إلا انّه لن يستطيع ان يفعل ذلك كل الوقت، وفي نهاية المطاف ستُرفع الحصانة".

وأضاف الرئيس عون: "أشعر أنّ ​الحكومة​ لا تواكبني بالمقدار اللازم"، مشدداً على "أهمية تفعيل انتاجيتها في كل الملفات"، لافتاً الى "وجوب ان تعمل بوتيرة اقوى في اتجاه كسب ثقة المواطن، حتى يتشجع على المساهمة في التضحيات والأعباء التي يستوجبها النهوض الاقتصادي".

وأكد انّ غايته هي دولة القانون لا الدولة البوليسية، متسائلا: "أين هي النزعة البوليسية فيما حرّية التعبير وصلت الى حدّها الاقصى عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. وللعلم، فأنا أعتبر نفسي فوق سقف الأذى، وبالتالي لا يمكن ان تصيبني السهام، ليس فقط لأنني أحترم الدستور والقانون بل قبل ذلك لأنني محصن بضميري"، مشيراً إلى أنه "تمنّى مرّة على المدّعي العام التمييزي "إطلاق شخص هاجمني وهاجم عائلتي بقسوة من دون اي مراعاة للضوابط والاصول، علماً انني أرفض كلياً التدخّل في أحكام القضاء وشؤونه، لكنني تدخلت في هذا الأمر لأنّه كان يتعلق بالتنازل عن حق شخصي".

وأعرب الرئيس عون عن ارتياحه الى مسار ملف ترسيم الحدود البحرية مع ​اسرائيل​ حتى الآن، مشدداً على انّ "لبنان متمّسك بحقوقه البحرية والبرية"، موضحاً أن "اي حلّ سيكون متناسباً مع مقتضيات المصلحة اللبنانية العليا بالتأكيد"، مشيداً بـ"التعاون والتنسيق السائد بينه وبين رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في هذا الاطار"، قائلاً: "ما نسعى الى تحقيقه في مجال ترسيم الحدود سيكون إنجازاً كبيراً".