في بيانها الوزاري وبناء على طلب ​التيار الوطني الحر​، تعهّدت ​حكومة​ "الى العمل" بإقفال ​وزارة المهجرين​ وتحويلها الى وزارة للإنماء الريفي تنشط في المناطق التي عانت ما عانته من ويلات الحرب اللبنانيّة وتهجيرها. وفي جلستها الأخيرة التي عقدت في ​السراي الحكومي​ لمناقشة مشروع موزانة العام ٢٠١٩، تسلّمت الحكومة من وزير المهجرين غسان عطاالله خطّته التي أعدّها لإقفال الوزارة خلال مهلة زمنية لا تتخطى الثلاث سنوات. وبحسب المصادر الوزاريّة فقد لاقت خطة عطاالله إستحساناً لدى أكثريّة الأفرقاء السياسين على الطاولة الوزاريّة، خصوصاً أنّ المبلغ الذي طلبه لإنجاز مهمة دفع التعويضات قد لا يصل الى ٤٠٠ مليون دولار أيّ أقلّ بكثير مما كان يطلب سابقاً من أموال لإقفال هذا الملف.

خير دليل على نيّة "التيار الوطني الحر" بإقفال الوزارة سلسلة من الخطوات التي بدأ بإتخاذها عطاالله مع فريق عمله، تحضيراً للإقفال. وفي المعلومات، تكشف مصادر مقربة من الوزير بأنّ الأخير أصرّ بعد تسلمه الوزارة على التخلّي عن عقد إيجار أحد الطوابق الثلاث التي تشغلها الوزارة في مبنى ستاركو، مكتفياً بطابقين فقط لفريق عمل الوزارة، وتتحدّث المعلومات هنا عن أن عقد الإيجار هذا وفّر على الخزينة مبلغ ١٠٠ ألف دولار سنوياً. المسألة لن تتوقّف هنا فبعد ثلاث سنوات، أيّ عندما ستتحوّل من وزارة للمهجرين الى وزارة للإنماء الريفي، من المفترض التخلّي أيضاً عن عقد إيجار طابق ثانٍ وقيمته سنوياً ٢٥٠ ألف دولار، على أن يترك طابق واحد لفريق عمل وزارة الإنماء الريفي.

ومن ضمن الإجراءات التي سيتّخذها الوزير عطاالله تمهيداً لإقفال الوزارة، علمت "​النشرة​" أن وزارة المهجرين تملك عدداً كبيراً من السيارات التي كان يستعملها الموظفون للكشف على المنازل المدمّرة والمصادرة ودور العبادة في الجبل، بين هذه السيارات ما هو قديم ومعطّل، وبينها ما هو صالح للإستعمال والسير، ومن هاتين الفئتين، يدرس الوزير إحتمالاً من إثنين إنطلاقاً من أن وزارته لم تعد بحاجة لهذا العدد من السيارات: إحتمال أول يقضي بييع هذه السيارات بمزاد علني تعود عائداته الماليّة الى صندوق الوزارة، وإحتمال ثانٍ يقضي بوهب هذه السيّارات الى وزارتي الدفاع أو الداخليّة والبلديات، على إعتبار أن لدى الجيش وقوى الأمن ميكانيكيون متخصّصون يستطيعون اصلاح هذه السّيارات أو على الأقل البعض منها، على أن تتم الإستفادة منها بعد ذلك من قبل الجيش أو قوى الأمن الداخلي. وبعد التخلي عن هذه السيارات يكون وزير المهجرين قد أصاب ثلاثة عصافير بحجر واحد :

أولاً-أثبت بخطوته هذه للجميع أنه يسير على طريق إقفال الوزارة.

ثانياً-سمح للأجهزة العسكريّة والأمنيّة الإستفادة من هذه السيارات التي تعود ملكيتها أصلاً للدولة اللبنانية.

ثالثاً-وفّر على الخزينة مبلغاً مالياً تدفعه وزارته سنوياً لإدارة مبنى ستاركو حيث الوزارة، مقابل ركن هذه السيارات في المرآب السفلي.

في الخلاصة، قرار الإقفال واضح، والنّيات موجودة لدى الوزير وفريقه السياسي، لا بل أكثر من ذلك قرر التيار خوض هذا التحدّي، ولا عودة الى الوراء على هذا الصعيد، كل ذلك يتابعه بالتفاصيل ليس فقط رئيس التيار وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​، بل رئيس الجمهورية شخصياً العماد ​ميشال عون​.