يعدّ التهرّب الضريبي أحد أهمّ الأسباب التي تؤدّي الى خسارة الدولة أموالاً طائلة والتي يرى أنها من الأبواب لإدخال إيرادات تخفف من نسبة العجز فيها، وتساعد على زيادة المداخيل في نفس الوقت...

"حتى تتمكن الدولة من ملاحقة التهرب الضّريبي لا يجب أن تذهب الى التجار والشركات الذين يقدمون التصاريح". هذا ما يؤكده نقيب خبراء المحاسبة المجازين سركيس صقر، لافتاً عبر "النشرة" الى أن "ما يقوم به هؤلاء ليس جريمة يعاقب عليها القانون لأنه في الأصل يقدّمون تصاريحهم، أما وفي حال تقدّموا بتصريح كاذب عندها يكون ما إرتكبوه جريمة يعاقب عليها القانون"، مضيفاً: "إذا تقاضى تاجر بضائع بالمفرّق أموالاً نقدية بالمباشر ويقسّم الأموال جزئين الأوّل يضعه في حسابه ويصرح عنه للدولة ويدفع الرسوم عليه والثاني يضعه في حساب آخر سري لا يعلن عنه لوزارة الماليّة، يكون متهرّبًا من الضريبة الأمر الذي يعاقب عليه القانون".

يؤكّد سركيس صقر أن "التهرّب الضريبي الفعلي يكون لدى الأشخاص أو الشركات الذين يمارسون تجارة أو مهنة حرّة، دون أن يكونوا مسجّلين لدى وزارة الماليّة وهؤلاء يسمونهم "مكتومين" ولا يقومون بدفع TVA أي الضريبة على القيمة المضافة، الضريبة على الأرباح وهذا كلّه يستوجب الملاحقة القانونيّة"، كاشفاً أن "​بيروت​ الكبرى وجبل ​لبنان​ الساحلي والوسطي فيه إنضباط بنسبة 70% بينما خارج هذا النطاق فإنّ ما يحصل هو العكس، وهنا إذا تحدّثنا فإننا نتحدث عن ​الضرائب​ التي تخصّ وزارة الماليّة أيّ ضريبة الدخل والضريبة على القيمة المضافة".

"وإذا تحدثنا عن بيروت وغيرها من المناطق، يبقى للبقاع أهميّته الكبرى لناحية التجارة غير المعلنة". وهنا يشير سركيس صقر الى أن "الإيرادات من منطقة ​البقاع​ ضئيلة جداً ونكاد نقول معدومة بسبب المضاربة من قبل السوريين للبنانيين، فالتاجر اللبناني الذي يستأجر محلا تجاريا يدفع الإيجار ورواتب الموظفين وإدخالهم في الضمان وغيره، وبالتالي مع الوقت يقفل المحل ليحلّ مكانه آخر سوري يكاد لا يدفع الإيجار حتى وغير مسجّل في الماليّة، وبالتالي لا يدفع الضرائب ولا أحد يضبطه".

ويشدد صقر على أن "مثل هذه الحالات كثيرة جداً في البقاع وهي تؤدّي الى خسارة ​الدولة اللبنانية​ أموالا كثيرة"، مضيفاً: "هذا ليس كلّ شيء إذ ان السوريين في مختلف المناطق البقاعية والذين تحولوا الى تجّار، بعضهم يدخلون بضاعتهم الى لبنان دون ​رسوم جمركية​ عليها لبيعها وتحقيق الأرباح".

في المحصّلة أكثر ما نحتاجه اليوم هو تفسير مفهوم التهرّب الضريبي وتحديده ليُعرف متى يكون جرماً يعاقب عليه القانون ومتى لا... ويبقى الأهم ضبط مكامن الهدر ودفع الأموال على المشاريع بشكل مباشر، وليس عبر وسطاء، ويكون هناك ثقة لدى المواطن أن الأموال سيستفيد منها ولو بطريقة غير مباشرة وعندها حكماً سيزداد النمو.