شدّد الخبير ​الاقتصاد​ي الدكتور ​إيلي يشوعي​ على أن ​لبنان​ لم يعد قادرا على تحمل المزيد من ​العجز​ في موازناته، باعتبار ان وضعه خاص ولا يشبه أوضاع باقي دول العالم حيث يساهم العجز بتكبير حجم الاقتصاد، أما هنا بالعكس فهو يساهم بزيادة الحصص الماليّة للطبقة السياسيّة التي لا تقارن بحجم الاموال التي أنفقت على البنى التحتيّة والمشاريع الأخرى، لافتا الى اننا بحاجة لموازنة اصلاحيّة متوازنة فيها فائض، وذلك ممكن تأمينه من دون المسّ بمخصّصات العاملين بالوظيفة العامّة، ومن دون زيادة ​الضرائب​ او تصغير حجم المشاريع الخاضعة لقوانين برامج، وهو ما فعلته ​الحكومة​ في ​الموازنة​ الأخيرة التي أقرتها.

واعتبر يشوعي في حديث لـ"النشرة" أن هذه الموازنة ليست تقشفية كما يتمّ تصويرها، انّما هي ما تحاول الطبقة السياسية ان تقول من خلالها "اكتشفنا أنّ الشعب هو ​الفاسد​ والذي يهدر المال العام"، لذلك لم يتجرأوا على المسّ بأصل ​الفائدة​ وبالموظّفين الّذي أدخلوهم بطريقة عشوائيّة الى ​القطاع العام​، كما لم يذهبوا باتّجاه تحصيل الحقوق المهدورة سواء في الاملاك البحريّة او غيرها الكثير من الابواب، اضافة الى كونهم لم يلحظوا المساواة أمام الضريبة والتصدّي الحقيقي للتهرب الضريبي. وقال: "كل ما فعلوه أنهم "فشّوا خلقهم بالناس" فضلا عن كونهم أحالوا آلاف عقود الشراء والبيع للمدعي ​العام المالي​ لاعادة النظر بالأسعار، وكـأنّ الشاري هو الّذي نفذ عمليّة التسجيل عوض ملاحقة المعنيين بالسجلّ العقاري".

وأشار يشوعي الى انّ الاصلاح الحقيقي والتصدّي للعجز وتأمين الفائض المطلوب بالموازنة يكون من خلال تسليم ​القطاع الخاص​ كل الخدمات العامّة من كهرباء الى مياه واتصالات ومطارات ونقل مشترك وطرق سريعة... على ان يتمّ ذلك باشراف هيئة عليا من أكفأ الناس وأنزههم، وعلى ان تحتفظ الدولة بالملكيّة وحق المراقبة بعيدا عن منطق ​المحاصصة​ والأسماء المستعارة. وأضاف: "ذلك سيكون كفيلا بضخ الرساميل المطلوبة وخفض خدمة ​الدين العام​، مع أهميّة أن يترافق هذا العمل مع جهد لتحصيل الضرائب، عندها يمكن القول انّ البلد سيكون قادرا على الوقوف مجددا على قدميه، والا اذا بقي الوضع والمعالجات على ما هي عليه، فلا شكّ أننا نتجه الى كوارث وبخاصّة في حال استمروا بتمويل الخزينة على حساب خنق القطاع الخاص، ما يؤدّي الى اقفال عدد كبير من المؤسّسات وتسريح عدد أكبر من الموظّفين".

وعما اذا كانت هناك تعديلات يمكن ل​مجلس النواب​ ادخالها على الموازنة التي أقرّتها الحكومة، قال يشوعي: "الاتفاق بين القوى السياسيّة الرئيسيّة تمّ، وبالتالي لن يتمكّن مجلس النوّاب من احداث أيّ خرق. اصلا ليس هناك من مجلس نيابي، انما مجلس من 7 يدير البلد ككل ويتخذ القرارات عن كل الوزراء وكل النواب".