أعرب رئيس ​الحكومة​ الأسبق والنائب السابق ​فؤاد السنيورة​، عن أسفه لأنّ "الاجراءات المتخذة لمناسبة الموزانة ​الجديدة​ ستكون موجعة ومؤلمة، وكان يمكن أن لا تكون وبعيداً عن الضغوط وما يمكن أن يرافقها من انفعالات لأنه لم يعد في الامكان تحميل البلد ما لا يستطيع تحمّله"، معتبرا أن "مفهوم الدولة لم يعد موجوداً، لأنّ الدولة باتت طاولة تتحلق حولها مجموعة من القوى وكل منها يحمل بيده منشاراً ليقتطع به حصته، ويتصرف على اساس انّ هذه الحصة هي حق مكتسب له، في حين انّ هذا الأمر مخالف للدستور".

ورأى السنيورة في حديث لصحيفة "الجمهورية" أن "الدواء الذي يعتمد لمعالجة الأزمة ربما يكون المناسب ولكنه غير كاف، فالمطلوب هو السير على الاوتوستراد للوصول الى المكان المقصود من دون الانزلاق الى الطرق الفرعية التي يمكن ان تأخذنا الى اماكن أخرى، كأن يكون مقصدنا ​إقليم الخروب​ فنكتشف أننا وصلنا الى عكار"، معتبرا أن "المطلوب هو أن يتخذ القرار بالمعالجة الفعلية، وهذا القرار ينبغي ان يقوم على احترام المبادىء والتي هي من الامور البديهية، واحترام ​الدستور​ و​اتفاق الطائف​، والقوانين، ولا يجوز عدم احترام الدستور والقول اننا نريد تعديله بالممارسة. كذلك لا يجوز للبعض أن يقول «ما عاجِبني هالقانون ما بدّي طَبّقو".

ولفت الى أن "الاجراءات التي اتخذت على المستويين المالي والاقتصادي في إطار مشروع ​الموازنة​ ضرورية ولازمة، ولكنها غير كافية، يمكن اعتبارها خطوة اولى على الطريق، وينبغي ان تكون هناك قاعدة أساسية للاصلاح وهي ما تحتاج إليه البلاد، ربما تكون العملية اكثر وجعاً وإيلاماً، وكان يمكن ان لا تكون كذلك لو اتخذت سابقاً، وينبغي إجراؤها من دون مشكلات، وإلّا ستكون هناك كارثة، فالأزمة تَخطّت المعالجات الى مرحلة أصبحنا معها في حاجة الى استعادة الدولة التي باتت متناثرة ومبعثرة، وكلّ ينتزع منها شقفة وكلٌ يوظّف فيها على حسابه، وكل موظف يأخذ ولاءه من هذا الزعيم او ذاك"، مضيفا: "الدول تتبنّى برامج الإصلاح، التي هي في حاجة ماسة إليها، وتبادر إلى تنفيذها عندما تكون قادرة عليها، وليس عندما تصبح مجبرة على تنفيذها. عندها تكون العملية الإصلاحية قد أصبحت أكثر تعقيداً وأكثر إلحاحاً، ولكن عندها أيضاً يكون تنفيذها قد أصبح أكبر كلفة وأكثر وجعاً وإيلاماً ولكن أكثر عرضة للأخطاء، وربما قد لا تعود العملية الإصلاحية كافية لتأدية الغرض الذي تتوخاه الدولة من الإصلاح".

واعتبر السنيورة أن "إقرار قانون ​سلسلة الرتب والرواتب​ كان "القشة التي قصمت ظهر البعير"، ولكنه لم يكن المشكلة الاساسية، وإنما الاحمال والمشكلات المتراكمة. اننا بتنا كمَن يحاول قطر "تريللا" ب​سيارة​ "فولزفاغن". وبدلاً من الذهاب الى المعالجة الفاعلة والناجعة، إذ بالجميع "يشوّلون" في "التريللا". فكيف يمكن لسيارة صغيرة ان تشحن احمالاً أكبر منها وأثقل؟ هذه هي حال الدولة الآن"، مشيرا الى أن "ما فقدناه، هو قوة التوازن التي يُحكم بها البلد وليس توازن القوى، فعندما يكون التوازن قوياً فإنه يحمي الجميع، أما توازن القوى فليس هو الحل. فلقد فقدنا قوة التوازن، والسؤال كيف لنا ان نتحمّل هذا الأمر في ظل الوضع الصعب الذي تمر به المنطقة والذي ينذر بمزيد من الصعوبات؟".