بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم.

من أدعية وداع ​شهر رمضان​ المبارك ما ورد عن الامام علي بن الحسين زين العابدين وسيد الساجدين (عليهما السلام) في الصحيفة السجادية: "... فنحن قائلون السلام عليك يا شهر الله الأكبر ويا عيد أوليائه الأعظم، السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ويا خير شهر في الأيام والساعات، السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ونشرت فيه الأعمال وزكيت فيه الأموال، السلام عليك من قرين جل قدره موجودا وأفجع فقده مفقودا ومرجو آلم فراقه، السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان..."

كلمات عظيمة وأليمة يودّع فيها الامام السجاد (عليه السلام) شهر رمضان المبارك لانه أدرك عظمة هذا الزمن المبارك وهذا الشهر الشريف، فإنَّ من يعرف عظمة هذا الشهر لتمنىَّ أن يكون كل الدهر شهر رمضان، وخصوصاً أواخره حيث الجوائز من رب العالمين، وكذلك يوم العيد المبارك، فالله تعالى يعتق في هذا الشهر رقاباً من النار ويغفر الذنوب ويُكرم عباده ويعطيهم من الثواب الجزيل والاجر العظيم الذي لا يعطيه غيره سبحانه وتعالى.

عند وداع شهر الله تعالى، شهر نزول القران الكريم، وشهر ​ليلة القدر​ التي هي خيرٌ من الف شهر وشهر البركة والخير والرحمة والمغفرة والتوبة والعتق من النار، وشهر ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالنبي الاعظم واله الطيبين الطاهرين ولا سيما بقية الله في الارضيين.

علينا ان نقف مع أنفسنا وقفة حساب وتأمل على قاعدة "حاسبوا انفسكم قبل أن تحاسبوا" لنرى هل حققنا العلل والحِكم والغايات المنشودة من صيامنا لشهر رمضان المبارك؟ وأقمنا واجباتنا وآدابنا ومستحباتنا فيه ام لا؟. وهل كنا من أهل التقوى والورع والايمان والاخلاص فيه ام لا؟. هل حسنا أنفسنا على الصعد كافة ام لا؟. فهل هناك تقدم نحو الامام او ما زلنا نرواح في مكاننا؟.

إن المؤمن لا يتساوى يوماه ومن تساوى يوماه فهو مغبون، المؤمن دائماً بتقدم نحو الاحسن والافضل ولا يتراجع، وهذا ما ينبغي حصوله في شهر رمضان المبارك. المؤمن يحاسب نفسه ويسألها في الايام الاخيرة من شهر رمضان المعظم هل تحسنت على الصعيد الروحي والعبادي والاخلاقي والتربوي والتقوائي وتقدمت نحو الامام ام لا؟.

وعلى الصعيد العلمي والفكري والثقافي اين اصبحتِ؟ وعلى الصعيد الصحي والتنظيمي والاقتصادي؟ وعلى الصعيد الاجتماعي الذي هو من الصعد المهمة في شهر رمضان المبارك بما يتضمن من الاهتمام بصلة الارحام والاقارب والجيران والاصدقاء والفقراء والمساكين والايتام، والعجزة والجرحة وعوائل الشهداء والاسرى واصحاب الاحتياجات الخاصة وغير ذلك؟.

وعلى الصعيد الولائي والسياسي وشؤون الامة؟ اين كان ولاؤك ايها ​الانسان​ وهل اقتديت واتبعت اهل الحق ومقاومة ​الفساد​ والعدوان والظلم والجور ام لا؟.

مع وداع شهر رمضان علينا ان نوحّد صفوفنا وجهودنا من اجل وحدة الامة وصلاحها ورقيِّها مبتعدين عن كل فتنة وعصبية وتفرقة داعين الى الاعتصام بحبل الله تعالى كما قال جلّ وعلا (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، سائلين المولى عز وجل ان يعيد عليكم شهر رمضان المبارك و​عيد الفطر​ السعيد وانتم على احسن حال مما يرضاه الله تعالى والرسول واله بيته عليهم السلام، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال متذكرين قوله تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وان لا ننسى تأدية زكاة الفطرة والحمد لله رب العالمين.