في الوقت الذي لا يزال فيه الهجوم الإرهابي الذي نفذه عبد الرحمن مبوسط، عشية عيد الفطر، محلّ أخذ ورد على الساحة المحليّة، لا سيما لناحية توقيته والهدف منه، هناك معطى أساسي ينبغي التوقف عنده، يتعلق بعدم تبنّي تنظيم "داعش" الإرهابي الهجوم بشكل رسمي، على أيّ من منصّات وسائل التواصل الإجتماعي التي يعتمدها، الأمر الذي تُطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام.

في هذا السّياق، يبدو من الواضح، بحسب السيرة الإرهابيّة لمبسوط، أنّه من المتأثرين بفكر "داعش"، لا سيّما أنه سبق له القتال إلى جانب التنظيم في ​سوريا​، وهو أيضاً كان أوقف في ​لبنان​ قبل أن يطلق سراحه بعد إنتهاء مدة محكوميته، التي لم تتجاوز العام الواحد.

من حيث المبدأ، يحرص "داعش"، في جميع الإصدارات التي يطلقها، على دعوة مؤيّديه إلى تنفيذ هجمات إرهابيّة في أيّ مكان من العالم متى تسمح لهم الظروف في ذلك، وهو بالطبع يضع لبنان ضمن قائمة أهدافه، كما أنه لا يتردد في تبنّي العمليّات التي يقوم بها أنصاره، خصوصاً أنّها تخدم أهدافه على المستوى الإعلامي والإعلاني، لكن في حادثة ​طرابلس​ لم يلجأ إلى هذا الفعل، بالرغم من مرور نحو 3 أيام على الجريمة، بينما هو تبنّى، يوم أمس، هجوم العريش في مصر بعد ساعات قليلة على تنفيذه.

قد يظنّ البعض أنّ هذا الأمر ثانوياً، لكن في الحقيقة هو بالغ الأهمية ينبغي التوقّف عنده، نظراً إلى أنه يفتح الباب أمام السؤال عمّا إذا كان التنظيم ليس له مصلحة في تبنّي هجوم إرهابي داخل الأراضي اللبنانيّة، أم أنّ هناك ما يخفيه على هذا الصعيد، لكن في الوقت نفسه يسمح بالسؤال عمّا إذا كان ما أقدم عليه مبسوط لم يكن جزءاً من مخططات "داعش" المباشرة، أي أنه نفذ جريمته من دون العودة إلى أيّ جهة قياديّة في التنظيم الإرهابي، ما دفع الأخير إلى عدم تبنّي ما قام به.

في الوقت الذي كان مبسوط يتحصن بالشقّة التي لجأ إليها بعد تنفيذه جريمته، تم التداول بالكثير من المعلومات أن "داعش" تبنى، عبر وكالة "أعماق" الجناح الإعلامي له، الهجوم، لكن سريعاً تبين أن حقيقة هذه المعلومات لا تختلف كثيراً عما تم التداول به في الوقت نفسه، لناحية الحديث عن مجموعة من 9 أشخاص أو إحتجاز رهائن.

وعلى الرغم من أن البعض قد يظن أن هذا الواقع، أي عدم تبني "داعش"، من المفترض التعامل معه بشكل إيجابي، نظراً إلى أنه قد يحمل مؤشّرات على عدم رغبة التنظيم الإرهابي في فتح جبهة على الساحة اللبنانيّة، إلا أنّه يحمل من الخطورة في مكان ما الكثير، نظراً إلى أنه يؤكد أنّ المتأثرين بأفكاره أو من مؤيّديه يستطيعون القيام بجرائم خطيرة متى توفرت لديهم الإرادة لذلك، الأمر الذي يتطلّب فتح هذا الملفّ برمّته، خصوصاً لناحية مراقبة من سبق لهم أن أوقفوا بتهمة القتال إلى جانبه أو تأييده، لا سيّما أن فترة السجن، كما هو معروف، لا تكون مرحلة إعادة تأهيل، في ظلّ تجمّع جميع الموقوفين في قضايا إرهاب في مبنى واحد داخل ​سجن رومية​.

في المحصّلة، عدم تبني التنظيم الرسمي لهجوم طرابلس قد يؤيّد وجهة نظر مدير عام ​قوى الأمن الداخلي​ اللواء عماد عثمان، لناحية حديثه عن عمل فردي، لكن في المقابل هذا لا يلغي خطورة ما حصل نظراً إلى إمكانيّة تكراره في أيّ وقت.