حمل الاحتفال ـ الإفطار الذي أقامه تيار صرخة وطن ورئيسه ​جهاد ذبيان​ في بلدة السمقانية الشوفية بمناسبة يوم القدس العالمي الكثير من الرسائل التي توقّف عندها المراقبون بتمعّن، والتي سيكون لها ما بعدها بلا شك على المستوى السياسي اللبناني بشكل عام، وعلى المعادلات السياسية الدقيقة والحساسة في الجبل بشكل خاص.

وفي تفاصيل هذه الرسائل بما لها من دلالات وأبعاد يمكن ملاحظة الآتي:

1 ـ كانت لافتة جداً نوعية الكلمات التي ألقيت في الاحتفال بتنوّعها وبمضامينها، لا سيما أنها أكدت الحقائق والوقائع التي تشهدها المنطقة بأسرها، حيث تُحقق المقاومة ومحورها العربي والإقليمي والدولي الانتصارات والإنجازات على كلّ الجبهات وفي كلّ المواجهات السياسية والعسكرية التي تخوضها، من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق ثم اليمن وصولاً إلى إيران... وروسيا والصين.

أما في المحور المقابل فليس هناك سوى الإخفاقات والخيبات من مشيخات الخليج إلى كيان العدو "الإسرائيلي" وصولاً إلى الولايات المتحدة التي يتحضّر رئيسها "المجنون" لبلع لسانه والتراجع عن تهديداته ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران ومعها كلّ محور المقاومة المنتصر.

2 ـ كانت لافتة أيضاً نوعية الحضور السياسي والحزبي والدبلوماسي والروحي، حيث حضرت وفود مثلت الأحزاب والتيارات والوزراء والنواب والشخصيات السياسية التي لها حضورها الوازن في الجبل وخارج الجبل.

كما تميّز الاحتفال بحضور ممثل السفير الإيراني محمد جواد فيروزنيا، خاصة أنّ قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام الراحل الموسوي الخميني كان وراء إحياء يوم القدس العالمي في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك.

وقد تُوِّج هذا الحضور المميّز بالرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى رئيس تيار صرخة وطن جهاد ذبيان مهنئا ومباركا بهذا اليوم.

3 ـ أما الرسالة الأهمّ والتي لها مكانة خاصة جداً بين الرسائل التي حملها احتفال تيار صرخة وطن، فكانت بحضور وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي بصفته ممثلاً شخصياً لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

هذا الحضور العالي المستوى هو أمر نادراً ما يحصل في الجبل، ولذلك قرأ فيه المراقبون نقلة نوعية في العمل السياسي، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها الحياة السياسية اللبنانية، حيث نرى أنّ هناك ما يشبه عملية إعادة تجميع الصفوف المبعثرة في ما كان يُعرف بفريق 14 آذار المناهض للمقاومة ومحورها، والمتماهي سياسياً وإعلامياً مع المحور الخليجي ـ الأميركي ـ "الإسرائيلي"، في حين نجد أنّ الفريق المؤيد للمقاومة، يستمرّ متماسكاً وثابتاً على مواقفه حيال العناوين الاستراتيجية الكبرى، رغم ما يحصل بين الحين والآخر من تباينات داخلية بين بعض أفرقائه.

لذلك لا غرابة في أن يقرّر سماحة السيد نصرالله في هذا التوقيت بالذات إعطاء هذا الدفع المعنوي الكبير لاحتفال السمقانية ولمنظّميه، خاصة أنّ المناسبة هي إحياء يوم القدس العالمي الذي يوليه السيد أهمية قصوى على الدوام، كونه مناسبة للتأكيد على وجهة الصراع الحقيقية التي يتناساها البعض ويُبدّي عليها مصالحه الخاصة متجاهلاً المبادئ والثوابت التي لطالما شكلت عنواناً أوّل في الجبل مع الشهيد كمال جنبلاط الذي رفع راية فلسطين ولم يتخلّ عنها في أحلك الظروف، وهذا ما يحرص تيار صرخة وطن ورئيسه جهاد ذبيان على تأكيده والاستمرار به...