دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، المسؤولين السياسيين في لبنان خاصة، والشعب عامة، للتضامن وبذل الجهود والتعاون من أجل حماية وطننا. وتضعنا جميعا أمام مسؤولياتنا نحن الذين سميناها "سيدة لبنان". فينبغي أن نحفظه دائما لائقا بلقبها. فالمطلوب عمليا أن يسرع المجلس النيابي في دراسة إقرار مشروع الموازنة بدءا من غد الإثنين من خلال لجنة المال والموازنة، مع التركيز على مكامن الهدر والفساد، لا على دخل الطبقة الكادحة والمؤسسات الصغيرة والجيش، وبخاصة على وضع خطة للنهوض الاقتصادي والاصلاح البنيوي.

ولفت الراعي في عظة قداس أحد العنصرة في بازيليك سيدة لبنان - حريصا، محتفلا ايضا بالعيد ال29 ل"تيلي لوميار" وال18 لنورسات، وذكرى إطلاق مجموعة فضائياتها، وتزامنا مع العيد السابع لتكريس لبنان والشرق إلى قلب مريم الطاهر،الى ان المطلوب من الجماعة السياسية عندنا البحث عن افضل السبل لتأمين الخير العام بالتنافس في الخيارات، بدلا من التراشق الكلامي الجارح الذي يذكي الروح الطائفية والمذهبية، ويوتر الأجواء، ويعطل الثقة المتبادلة والتعاون، ومطلوب منها احترام القانون والعدل الذي هو أساس الملك، وعدم التدخل في الإدارة والقضاء والمحاكم وشؤون الجيش وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية.

ومطلوب من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بكل تقنياتها الكف عن الفلتان، واستباحة المحرمات والمقدسات والخصوصيات الشخصية والكرامات، وعن ابتزاز الأشخاص وتشويه صيتهم، والضغط على القضاء ونشر تحقيقات ومحاضر سرية، وانتهاك حرمة الموت والاستشهاد بإظهار صور جارحة. فلا يمكن أن تستمر الأمور على هذا المنوال، فندعو الوزارات المعنية لتتحمل مسؤولياتها".

وشدّد الراعي على ان"من كان يتصور خلاص العراق الذي شنت عليه حرب فكفكته، وخلاص منطقة الموصل وسهل نينوى التي فتكت بها منظمة داعش الارهابية، لولا صلاة المؤمنين وحماية العذراء مريم؟ وهل مرت بفكر أحد إمكانية خلاص سوريا من تقسيمها وشرذمتها إلى دويلات طائفية وإرهابية، بعد كل التدمير، وتجربة جميع أنواع الأسلحة الحديثة، وتدخل العديد من الدول شرقا وغربا في حروبها ودعمها بالمال والسلاح والتغطية السياسية للمنظمات الإرهابية والحركات الأصولية، وإرسال المرتزقة، وبعد تهجير الملايين من شعبها، لولا يد العذراء مريم الخفية والصلوات المرتفعة إليها من كل القلوب؟ إنها بهذه الحماية تدعو أبناء العراق وسوريا المشتتين هنا وهناك وهنالك للعودة إلى وطنهم وأرضهم وحماية حقوقهم المدنية وهويتهم الثقافية وتاريخهم. فيتغلبون بذلك على ما يسمى "صفقة القرن" التي هي تشتيتهم وإتلاف هويتهم وتغيير مجرى تاريخهم، وجعلهم في حالة استعطاء ومعاداة مع البلدان المستضيفة.

والأمر نفسه نقوله للفلسطينيين أبناء الأراضي المقدسة. فمهما كانت الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية قاسية عليكم، ناضلوا بحماية العذراء مريم من أجل دولة خاصة بكم وعودة جميع اللاجئين إلى أراضيهم ليعيشوا فيها بكرامة، وقاوموا "صفقة القرن" التي تبغي زوال قضيتكم وانحلالها".

وكانت مسيرة من المؤمنين قد انطلقت من بكركي ووصلت قبل بدء الذبيحة الإلهية الى حريصا، يحملون تمثالا للعذراء مريم وسط التصفيق والزغاريد الى مذبح البازليك، ثم دخل موكب يحمل القربان المقدس. وللمناسبة ألقيت كلمتان لكل من رئيس اللجنة البطريركية لتكريس لبنان ودول الشرق لقلب مريم الطاهر، وللامين العام لتلي لوميار ونورسات انطوان سعد، شددتا على "أهمية حدث التكريس لتنعم البلدان في هذا الشرق بالامان والايمان في القلوب"، متعهدين الأمانة لهذا التكريس والعمل بموجباته المقدسة.