بعد إعتداء ​طرابلس​ الإرهابي الذي نفذه عبد الرحمن مبسوط وسقط ضحيته أربعة شهداء من ​الجيش اللبناني​ و​قوى الأمن الداخلي​، عادت الى الواجهة من جديد، نغمة مطالبة بإقرار ​العفو العام​ وبعدم إستغلال الجريمة الأخيرة للتشدد بالأحكام التي تصدر عن ​المحكمة العسكرية​ بحق الموقوفين الإسلامين، واللافت أن مصدر هذه النغمة لم يكن أي فريق سياسي إلا ​تيار المستقبل​. وكأن التيار الأزرق لم يتعلم من تجارب الماضي بالتعاطي مع هذا الملف، أو كأن قيادته لم تدرك الضرر الشعبي الذي لحق بالتيار لا سيما في مدينة طرابلس والشمال عموماً، من جراء الوعود التي وزّعتها كيفما كان ولأي كان بإقرار قانون العفو العام، كل ذلك من دون أن تكون قادرة على تنفيذ هذه الوعود.

وللتذكير، هل نسيت قيادة التيار كيف قطع أهالي الموقوفين الإسلاميين في العام ٢٠١٨ الطريق أمام موكب أمينها العام ​أحمد الحريري​ عندما كان يقوم بجولة في طرابلس؟.

إذاً لماذا يتحمل التيار الأزرق دائماً المسؤولية الشعبية حصراً في ملف العفو العام؟ تجيب مصادر متابعة "لأنه الفريق الوحيد الذي تعاطى مع ملف العفو العام منذ أشهر وتحديداً قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة على قاعدة إغراق الأهالي بالوعود تارةً على لسان رئيس التيار والحكومة سعد الحريري، وتارةً أخرى عبر تصريحات وزير الداخلية والبلديات السابق نهاد المشنوق". وتسأل المصادر عينها "لماذا لم تُسجل هذه الإعتراضات أيضاً في الشارع الشيعي ضد حزب الله وحركة أمل كما حصل في الشارع السني؟ ولماذا لم نشهد هذه النقمة العالية النبرة على التيار الوطني الحر من قبل اهالي اللبنانيين غير المطلوبين الممنوعين من العودة الى لبنان بعدما فرضت عليهم ظروف الحرب الانتقال الى اسرائيل"؟.

اما الجواب، فلأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تعاطى مع ملف العفو العام ومنذ اللحظة الأولى لإثارته بموضوعية تامة وبعيدا كل البعد عن الإفراط في الايجابية والوعود غير القابلة للتطبيق، قالها سيد بعبدا وبالفم الملآن لن أوقع عفواً عاماً عن أي متورط بدماء العسكريين والضباط الشهداء منهم والجرحى الأحياء، وهذا ما ردده أكثر من مرة الوزير السابق سليم جريصاتي نقلا عن رئيس الجمهورية. كذلك بالنسبة لحزب الله، الذي لم يطل أمينه العام السيد حسن نصرالله ولو لمرة واحدة واعداً أهالي الضاحية وبعلبك والهرمل والبقاع عموماً بإقرار العفو العام قريباً او حتى قبل الانتخابات النيابية الأخيرة. كل ما فعله حزب الله طيلة المرحلة الماضية أنه قال لجمهوره إنه يعمل على إقرار قانون عفو عام وأن اللجنة القانونية المكلفة من قبله وعلى رأسها النائب السابق نوار الساحلي تدرس ملفات المطلوبين والموقوفين وتنسق مع وزارة العدل في كل شاردة وواردة كل ذلك إنطلاقا من صراحة تامة مع العشائر التي سمعت من مسؤولي الحزب كلاماً حذراً عن المعوقات السياسية التي تعترض إقرار قانون العفو.

لكل ما تقدم تقوم القيامة ولا تقعد على تيار المستقبل داخل الشارع السني كل ما يتأكد أهالي الموقوفين أكثر فأكثر، أن ما من عفو عام في القريب المنظور، وأن قانون العفو حتى لو أبصر النور، لن يشمل جميع الموقوفين والمطلوبين بشكل عشوائي بسبب الفيتوات التي يضعها رئيس الجمهورية. ولكل ما تقدم ايضاً بقي الوضع في الشارعين الشيعي والمسيحي مضبوطاً وتحت السيطرة.