صحيح أن لجنة المال و​الموازنة​، وتحت عنوان عدم تشريع هذه الظاهرة، أسقطت خلال جلساتها المادة التي تفرض رسماً على رخصة الزجاج الداكن للسيارات، لكن الأكيد أن تغييراً جذرياً سيطرأ على الفوضى التي كانت تشهدها عملية توزيع هذه الرخص من قبل وزراء الداخلية السابقين. وحتى لو عاد البعض وطرح هذه المادة خلال مناقشات الهيئة العامة ل​مجلس النواب​ بهدف إعادة إدخالها ولو معدلة الى الموازنة العامة، ثم سقطت من جديد بالتصويت، لن تبقى الفوضى المعتمدة في توزيع هذه الرخص كما كانت عليه سابقاً، وذلك لأسباب عدة.

أولها المعلومات التي تؤكد أن وزيرة الداخلية والبلديات ​ريا الحسن​ غير مقتنعة بإبقاء الوضع على حاله، ولا تحبّذ أبداً أن يُقال عنها بعد إنتهاء ولايتها، بأنها لم تختلف بآدائها عن غيرها وقامت بتوزيع رخص Fumée ، ومن هنا تقول المصادر لم توقع الوزيرة بعد ولو رخصة واحدة جديدة. مصدر بارز في الداخلية يكشف لـ"النشرة" أن الوزيرة الحسن طلبت من فريق عملها إعداد دراسة مفصّلة عن عدد رخص الزجاج الداكن، وقد تبين ان هناك حوالى ١٥٠٠٠ رخصة وهو رقم كبير جداً مقارنة مع الرخص التي يجب أن توزع على الأمنيين ومرافقي الشخصيات. وفي هذا السياق، تتحدث المعلومات عن نيّة لدى وزيرة الداخلية بتخفيض عدد هذه الرخص قدر الإمكان، وهناك من يقول أكثر من ذلك معتبراً أن وزيرة الداخلية لن توفر جهداً بهدف الوصول الى نصف عدد الرخص الموجودة أي الى ٧٥٠٠ رخصة، وإذا كانت الظروف مساعدة قد يتم الوصول للتخفيض الى حدود الثلثين، أي بمعنى آخر بترك ٥٠٠٠ رخصة فقط من أصل ١٥٠٠٠ سارية المفعول.

في موازاة ذلك، وخلال الصياغة الأخيرة لمشروع الموازنة، ستصدر ​لجنة المال والموازنة​ توصية الى ​وزارة الداخلية والبلديات​، تطلب منها حصر إعطاء هذه الرخص فقط بالأشخاص الذين هم بحاجة اليها، إما لأسباب متعلقة بوضعهم الأمني الدقيق وإما بسبب عملهم كالشركات التي تعمل في مجال نقل الأموال، وقد يكون السبب أحياناً صحياً بإمتياز إذا كان طالب الرخصة يعاني من مشكلة في النظر، وتحديداً من أشعة الشمس. هذه التوصية، هناك نيّة لدى النائب ​إبراهيم كنعان​ بتحويلها الى قانون عبر إقتراح يقدم الى مجلس النواب، بعد ذكر الأسباب الموجبة وأبرزها ضبط الأمن أكثر فأكثر على إعتبار أن الزجاج الداكن هو شكل من أشكال الفلتان الأمني. كذلك، يدرس ​تيار المستقبل​ إحتمال تقديم إقتراح قانون، يفرض رسماً على كل شخص توافق وزيرة الداخلية على إعطائه رخصة الزجاج الداكن.

في المحصّلة، قريباً جداً سيرتاح اللبنانيون من فلتان رخص الزجاج الداكن، ومن عدم إحترام أصحابها لقوانين السير وإشاراته. وسيشهد اللبنانيون ولو للمرة الأولى، إصلاحاً حقيقياً ينظم نوعاً ما فوضى هذه الظاهرة. إصلاح، سيكسر القاعدة التي يتصرف على أساسها من يقود سيارة زجاجها داكن، قاعدة، أراك ولا تراني.