فيما مثّل استهداف ناقلتَي النّفط في بحر عُمان يوم الخميس الماضي، الحدث الأكبر عالميّا، حيث بدا واضحا انه حمل رسالة من جهة هي المتضرّر الأكبر من خفض نبرة التّصعيد الأميركية تجاه ​طهران​، تصدّرت الضربات اللافتة التي توجّهها حركة انصار الله ​اليمن​يّة الى المحور المعادي واجهة المشهد الإقليمي، متوّجة بالقصف المتكرّر لمطارات سعوديّة- أبها وجيزان، بطائرات مسيّرة،ولم تقتصر "الرسائل"الناريّة على إسقاط ​طائرة​ مسيّرة اميركية في الحديدة ب​صاروخ​ أرض-جوّ باعتراف اميركي، بل بالتحذير غير المسبوق الذي وجّهه وزير الإعلام في حكومة ​صنعاء​ ضيف الله الشامي الى دول العدوان، ملوّحا بامتلاك المقاومين اليمنيّين سلاحا لا يمتلكه أحد في المنطقة، وقرار توسيع بنك الأهداف ليشمل -إضافة الى الأهداف السعوديّة الحيويّة، المطارات والموانئ الإماراتيّة، أُرفقت بالإعلان الصريح" كلّ الإحتمالات العسكريّة مفتوحة مع دول العدوان"! هو بلا شكّ تطوّر عسكري غير مسبوق في سياق الحرب المعادية المتواصلة في عامها الخامس على اليمن، ويشير بوضوح الى انتقال ​المقاومة​ اليمنيّة من حالة الدّفاع الى الهجوم، وبالتالي تغيّر قواعد اللعبة في المنطقة. فاليمن هو إحدى ساحات المواجهة مع المحور المعادي، وعليه فإنّ المفاجآت العسكريّة اليمنيّة المتصاعدة بوجه المحور المعادي، تندرج في اطار الرسائل المضادة "الى من يهمّهم الأمر" عما ستكون عليه المواجهة في كلّ ساحات المنطقة، خصوصا انّه ليس بالصّدفة في التوقيت ان تخرق طائرة مسيرّة بالتزامن، اجواء ​فلسطين​ المحتلّة يوم 12 من الجاري وتعود سالمة الى الأجواء اللبنانيّة "بعدما أنجزت تصوير اماكن عسكريّة وحيويّة اسرائيليّة حسّاسة"- وفق اعتراف مواقع اخباريّة عبريّة .

"الحدث الأمني الخاطف" الذي شكّل ارباكا في أروقة ​تل ابيب​ دلّ عليه اعلان المتحدّث باسم ​الجيش الإسرائيلي​" انّ قوّة عسكريّة رصدت طائرة مسيّرة جاءت من الأجواء اللبنانيّة واخترقت المجال الجوّي "الإسرائيلي" وعادت الى لبنان حيث كانت تحت متابعة القوّات"!..قبل ان تسارع ​القناة 13​ العبريّة الى اعلان "انّ الجيش استنفر قوّاته في المنطقة ويقوم بعمليّات بحث وتفتيش"!..ربطته مواقع عبريّة ب"رد سوري تحذيري" على القصف الصاروخي "الإسرائيلي" المستمرّ ضدّ المواقع العسكريّة السوريّة، قبل ان يذكر موقع "اندبندنت-عربيّة" لاحقا، انّ "الحدث الخاطف"- أجبر السلطات "الإسرائيليّة" على اطلاق صافرات الإنذار ما تسبّب بحالة هلع كبيرة بين "الإسرائيليّين"، رغم زعم انه تمّ إطلاقها في سبيل تجربة صافرات إنذار جديدة تمّ تركيبها في ​الجولان​، مُدرجا هذا الخرق "الخطير" في خانة الرّد السوري "غير المُعلن" على الإستفزازات "الإسرائيليّة" المتواصلة ضدّ سورية، مسبوقا برسالة تحذيريّة "غير عاديّة" مرّرتها دمشق ايضا الى تل ابيب اوائل الشهر الجاري، عندما نفّذت الأخيرة اعتداء صاروخيّا على مواقع عسكريّة سوريّة في ريف القنيطرة "ردّا على اطلاق صاروخَين من الأراضي السوريّة باتجاه ​هضبة الجولان​".. وقبل ان يُلحَق "الحدث الخاطف" بتحذير وجّهته اجهزة استخبارات معادية لمسؤولين "اسرائيليّين" بضروة التنبّه من ردّ سوري مباغت رغم انهماك القوّات السوريّة بالمعارك الدائرة شمالا- وفق ما نقلت معلومات عن موقع "نورديك مونيتور".

لربما اتى هذا التحذير ان صحّت تلك المعلومات، خلف إلغاء السّلطات "الإسرائيليّة" لزيارة مهمّة شملت عددا من المانحين من خارج الكيان ل​جبل الشيخ​ يوم 12 من الجاري " تخوّفا من ردّ سوري على مهاجمة الجيش "الإسرائيلي" لأهداف عسكريّة سوريّة فجر اليوم"-بحسب ما ذكرت القناة الثانية العبريّة حرفيّا بعد ساعات على القصف الصاروخي "الإسرائيلي" الأخير على مواقع عسكريّة سوريّة في تل الحارة بدرعا. وفي حين بدا لافتا ما تضمّنه التقرير الأخير لتامير هايمن -رئيس الإستخبارات العسكريّة "الإسرائيليّة"، الذي أعلن في مؤتمر بيع الأسلحة الذي عُقد في تل ابيب بمشاركة عدد كبير من دول العالم، توقّع "اسرائيل" لتصعيد خطير في المنطقة، موضحا انه " وفقا لتقدير استخباراتنا، فإنّ ​الجيش السوري​ يستعيد قوّته بشكل لم نكن نتوقّعه"، قال اسحاق بريك -مفوّض شكاوى الجنود السابق في الجيش "الإسرائيلي " إنّ جيشنا غير جاهز للحرب مقابل الجيش السوري المتعافي"..

وعليه، ورغم استبعاد محلّلين وخبراء عسكريّين لمواجهة عسكريّة مباشرة في المنطقة اقلّه في هذه المرحلة، الا انّ المستجدّات الأخيرة المتسارعة -سيّما في اثارة قضيّة مقتل الصحافي السعودي ​جمال خاشقجي​ مجدّدا في هذا التوقيت بالذّات، واتهام وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بالتورّط بقتله في تقرير ​الأمم المتحدة​ الختاميّ، تنذر بأنّ قرارا اقليميّا على اعلى المستويات قد صدر بإقصائه نهائيا عن المشهد السياسي تمهيدا كما يبدو، لتغييرات دراماتيكيّة قادمة لن تقتصر على السعودية حصرا، بل على بعض ​دول الخليج​ الأخرى..

وعلى وقع زيارة وزير الخارجيّة السوري ​وليد المعلم​ الى العاصمة الصينيّة، يبقى الحدث الأبرز القادم في "الحرب الإقليميّة المصغّرة" في ادلب السوريّة، "التي سيحسمها هجوم عسكري كبير بات مُرتقبا"- بحسب ما عنونت صحيفة سفوبودنايا بريسا الروسيّة مؤخرا.