في مشهدٍ نادر في تاريخ السياسة اللبنانية، إلتقى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس ​الحكومة​، على توصيف الوضع اللبناني بأنه في غاية السوء والسوداوية، ما لم يحدث شيء ما:

رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ لديه هاجس الوضع المتردي، يقول: "إذا وصلنا إلى مرحلة تم وضع اليد فيها على لبنان، سيتم التدخل في قائمة الطعام في منزل كل منا".

لا يكتفي بهذا الكلام، بل يتابع: "نعم، نحن ننجز، لكن مسار إنجازاتنا بطيء كالسلحفاة".

ويصل الرئيس عون إلى أعلى درجات الصورة السوداوية بالقول: "الوضع في لبنان شبيه بوضع سفينة "تيتانيك" التي كانت تغرق ببطء، بينما ركابها يرقصون في صالوناتها غير مدركين للخطر الملم بها".

***

يلاقي الرئيس ​نبيه بري​ الرئيس عون في منتصف الطريق، لجهة الصورة غير المُفرِحة، فيقول: "كلفة الصفقات هي أغلى بكثير من الإصلاحات. إننا في مركب واحد، وعلى الجميع الإلتزام بالإصلاح وبآلية التعيينات المتفق عليها. وإننا بأمسّ الحاجة الى حالة طوارئ إقتصادية وإصلاحية للنهوض بالبلد".

***

نصل إلى الرئيس ​الحريري​ الذي يبدو بدوره في غاية التخوف من الوضع غير المريح، وفي خطوة استثنائية، شارك الرئيس الحريري أول من أمس الأربعاء في الجلسة النيابية للمال و​الموازنة​، علمًا ان فصل السلطات كان يحتم عليه انتظار ان

تُنهي ​لجنة المال والموازنة​ درس الموازنة ليُصار إلى حضور الحكومة أمام مجلس النواب لمناقشة الموازنة.

لكن على قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" فإن الرئيس الحريري تعمَّد حضور اجتماع لجنة المال والموازنة ليوجِّه رسائل في اكثر من اتجاه:

الرسالة الأولى يقول فيها: "اتخوف من تخفيض التصنيف الائتماني للبنان، مجددًا.

والرسالة الثانية حث مجلس النواب على عدم تطيير بنود تؤمّن إيرادات مالية للخزينة، وخوفه من ارتفاع عجز الموازنة أكثر من نسبة 7.59% التي حددتها الحكومة.

***

هكذا، بين تخوف الرئيس عون من "تيتانيك"، وتذكير الرئيس بري بأننا في مركب واحد، وخشية الرئيس الحريري من تخفيض التصنيف الإئتماني للبنان".

ماذا عسى المواطن العادي ان يقول ويفعل؟

"ما باليد حيلة" هذا هو شعار المواطن العادي...

تحذيرات بالجملة، ولكن ماذا يفعل مَن بيدهم إدارة شؤون البلاد والعباد؟

إذا كان الجميع يشكون، فهل يمكن ان تكون النتيجة أكثر من الإمعان في الإنهيار؟

***

نحاول ان نكون متفائلين، لكن التفاؤل يحتاج إلى معطيات، والمفارقة هنا أن التشاؤم يملك الكثير من المعطيات فيما التفاؤل يفتش عن معطى واحد فلا يجده.

بهذا المعنى فإن المطلوب الخروج من "بطء السلحفاة" إلى ما هو أسرع، فالأوضاع لم تعد تحتمل هذا البطء الذي يكاد أن يصبح قاتلًا.

***

بهذا المعنى كلّ ما ورد أعلاه من كلام عن البطْء، والسلاحف، والتخفيض الائتماني للبنان، والصفقات، هو كلام رسمي موثق.

ما علاقتنا نحن الناس بكل هذا؟

ألم نكتب بجرأة مئات المرات، "لا حلّ ولا محلليّن" وحتى في السرعة الجنونية القصوى: إلاّ بإسترداد المال المنهوب.

لكن كما يردّد الوف القراء الاعزاء الذين اصابهم اليأس والاحباطّ على مراكز التواصل الاجتماعي يوميا بالقول:

لا حياة لمن تنادي؟

وعلى من نقرع مزاميرنا؟

ويكفي لليوم....!