منذ اللقاء المطول بين رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ ووزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، فتح ملف ​التعيينات​ الإدارية على مصراعيه، نظراً إلى وجود الكثير من المراكز الشاغرة، ليظهر أن الثنائي الشيعي، "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، وحده المرتاح على هذا الصعيد، على قاعدة التوافق بين الحزب والحركة على المناصفة بينهما بالنسبة إلى المقاعد الشيعية الشاغرة.

ضمن هذا السياق، يعمد المتضررون مما يحكى عن تسوية بين الحريري وباسيل على هذا الملف، إلى الدعوة لإعتماد آلية واضحة على مبدأ الكفاءة بالدرجة الأولى، في حين تنفي مصادر في "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل" حصول أي تسوية من هذا النوع.

وتؤكد مصادر نيابية في كتلة "المستقبل" عدم حصول أي إتفاق على تقاسم الحصص في التعيينات، بين الحريري وباسيل، حيث تشدد على أن المطلوب هو إعتماد الكفاءة، لكنها في المقابل تدعو إلى التعامل مع هذا الملف بواقعية، لأن الكفاءة وحدها لا تكفي لحصول التعيينات، بل المطلوب التوافق أيضاً بين معظم الأفرقاء.

من وجهة نظر هذه المصادر، ليس هناك ما يبرر المخاوف التي يعبر عنها بعض الأفرقاء، خصوصاً "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" وحزب "القوات اللبنانية"، لا سيما أن هذا الملف لم يوضع حقيقة على نار حامية حتى الآن.

من جانبها، تؤكد مصادر نيابية في "​لبنان القوي​"، عبر "النشرة"، على مبدأ إعتماد الكفاءة أولاً، وتشدد على أن هذا ما كان يطالب به "التيار الوطني الحر" منذ سنوات، وترى أن رفع الصوت عالياً من قبل بعض الأفرقاء هو مواجهة إستباقية لحجز مواقع لهم، بعيداً عن أي آلية أو معايير.

في الجانب المقابل، تبرز معارضة كل من "الحزب التقدمي الإشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية"، حيث لا يتردد الجانبان في التعبير عن مخاوفهما مما يحضر له، من وجهة نظرهما، بالرغم من أن "القوات" يذهب إلى التأكيد بأنه لا يرغب بأي حصة في التعيينات المقبلة، بحسب ما تؤكد مصادر نيابية في كتلة "الجمهورية القوية"، عبر "النشرة"، حيث المطلوب، بالنسبة إلى الحزب، إعتماد آلية واضحة، خصوصاً أن الإصلاح المنشود لا يمكن أن يُبنى على قاعدة المحاصصة.

أما بالنسبة إلى "الإشتراكي"، فرئيس الحزب النائب السابق وليد جنبلاط، على ما يبدو، لن يتراجع في هذه المواجهة، لا سيما في ظل ما يتسرب عن وعود حصل عليها كل من "الحزب الديمقراطي اللبناني" و"حزب التوحيد العربي" بحفظ حصتهما من التعيينات الدرزية، الأمر الذي لا يمكن أن يقبل به "البيك" بعد أن قدم تنازلاً سابقاً عند تشكيل الحكومة.

ما ينطبق على "القوات" و"الإشتراكي" ينطبق أيضاً على "اللقاء التشاوري"، أي النواب السنة من المستقلين، حيث قرر الأخير رفع الصوت عالياً، على قاعدة تكرار الحديث عن ضرورة إعتماد معايير الكفاءة والنزاهة، بعيداً عن منطق المحاصصة، وإلا سيكون مضطراً للمطالبة بالحصول على حصته، على قاعدة أنه يمثل شريحة واسعة من الطائفة السنية.

إنطلاقاً من ذلك، لا تتردد مصادر وزارية، عبر "النشرة"، بالتأكيد أن هذا الملف سيكون محل أخذ ورد في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن ملف التعيينات يتطلب توافق سياسياً لتمريره، وفي العادة كان يتم ذلك خارج طاولة مجلس الوزراء، وتتوقع أن يبرز ذلك بعد الإنتهاء من ملف الموازنة العامة.

من وجهة نظر هذه المصادر، كل الإحتمالات مفتوحة على هذا الصعيد، أي التوافق أو تعليق التعيينات، لكنها تشير إلى أن الذهاب إلى منطق المحاصصة، بعيداً عن أي آلية واضحة تعتمد مبدأ الكفاءة، سيكون بمثابة رسالة سلبية، خصوصاً بعد أن تنافست أغلب القوى السياسية، طوال الفترة السابقة، في الحديث عن محاربة الفساد والإصلاح.

في المحصلة، ملف التعيينات الإدارية سيكون من أبرز الملفات الحامية، في المرحلة المقبلة، وهو من وجهة نظر الكثيرين فرصة لتفعيل عمل الإدارات العامة، في حال إختيار الأشخاص المناسبين لملء الشواغر، لكنها في المقابل ستكون ساحة من ساحات الإشتباك السياسي الكبرى.