يبدو أن خطة الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ للسلام في منطقة ​الشرق الأوسط​، أو ما يعرف بـ"​صفقة القرن​"، تصطدم بالعديد من المطبّات، لا سيما في ظل الرفض الفلسطيني الشامل لها مقابل عدم توجيه الدعوة إلى ممثلين إسرائيليين رسميين للمشاركة في المؤتمر الإقتصادي، الذي يعقد في العاصمة البحرينية المنامة اليوم وغداً.

من حيث المبدأ، خطة "الاقتصاد أولاً"، ستدعو إلى إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول العربيّة المجاورة، وبناء ممر يربط بين الضفة الغربيّة وقطاع غزة، وستشمل 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال، وتقترح أول مرحلة منها استثمارات قدرها 50 مليار دولار بالأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان.

وفي حين تعلّق الولايات المتحدة الكثير من الآمال على هذه الخطة، يبدو أن بعض الدول العربية، التي قررت المشاركة في مؤتمر البحرين، كانت "مُجبرة" على ذلك، انّما خفّضت مستوى تمثيلها، ما يدفع إلى السؤال عن الفائدة منه، طالما أن الجميع يعتبر أن الخطة ولدت "ميتة"؟.

في هذا السياق، لا يمكن الحديث عن وفاة الخطة بأيّ شكل من الأشكال، لا سيّما أن الإدارة الأميركية كانت تعمل عليها منذ أشهر طويلة، لكن يمكن القول أن ظروفها لم تنضج بعد، خصوصاً أنّ العامل الأول لنجاحها هو الحصول على توقيع فلسطيني، نظراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​، الذي ينشغل في الوقت الراهن بالتحضير لإنتخابات الكنيست في شهر أيلول المقبل، ليس بعيداً عن أجوائها، وبالتالي تل أبيب لن تعرقل، حتى ولو كانت لديها بعض الملاحظات.

وفي حين تبدو السلطة الفلسطينيّة غير قادرة على الإنجرار إلى دعمها، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك، حيث ترى أن الهدف منها القضاء على ​القضية الفلسطينية​، لا يمكن تجاهل الضغوط التي تتعرض لها من قبل بعض الدول العربية، المتحمّسة إلى الإنخراط في هذه الصفقة، لا سيما أنّها تسمح لها بالترويج إلى تحالف إقليمي واسع بوجه الجمهوريّة الإسلامية في إيران.

وسط حالة المعارضة الشعبيّة الواسعة في العالمين العربي والإسلامي لهذه الخطة، هناك نقطة مفصليّة ينبغي التوقف عندها، تتعلق بأن البعض يضع العقبة الأساس عند غياب الإطار السياسي لهذه الخطة، ما يحتّم السؤال عما إذا كان حضور هذا الإطار سيدفع إلى إعادة النظر في الموقف منها، مع العلم أن الولايات المتحدة ترى أن الإنطلاق من الأوضاع الإقتصادية قد يكون هو المدخل الأفضل.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن الجزم بأن واشنطن تريد إستغلال الأزمات الإقتصادية التي تمر بها الدول المجاورة لتسويق الخطة التي يحملها ​جاريد كوشنر​، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتالي الإستمرار في النهج نفسه الذي تعتمده الإدارة الحالية في التعامل مع مختلف الملفّات حول العالم، والذي يقوم على معادلة العقوبات أو الضغوط الإقتصاديّة كمقدمة للجلوس على طاولة المفاوضات.

بناء على ما تقدّم، يمكن القول أن الضغوط الأميركيّة سوف ترتفع في المرحلة المقبلة، ومعها تلك التي ستقوم بها بعض الدول العربيّة، خصوصاً بعد الإنتهاء من مؤتمر البحرين الذي يجري التسويق له على نطاق واسع، وبالتالي هذه الخطة ستبقى حاضرة على طاولة البحث، لا سيما أنها عملياً قضت على خطة السلام العربيّة، التي تبنتها القمة العربيّة في بيروت في العام 2002، وسيكون البحث من اليوم عن الإطار الذي سيصدر عن هذا المؤتمر.

في المحصلة، صممت صفقة القرن لتقوم على قاعدة إنتصار الجانب الإسرائيلي، من وجهة نظر واشنطن، لا سيما بعد أن عمدت الإدارة الأميركيّة إلى إستباق المؤتمر الإقتصادي بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم الإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، من دون تجاهل السعي إلى إستهداف وكالة الأونروا، وبالتالي المطلوب أن يكون هناك جهة مقابلة تعترف بالهزيمة مقابل تعويض مالي.