أقل ما يمكن أن يُقال في هذا المشهد من "القصف بالتغريدات" على التويتر، أنه مشهدٌ مؤلم بين حليفين هما الرئيس ​سعد الحريري​ ومعه ​تيار المستقبل​ وزعيم المختارة ​وليد جنبلاط​ ومعه ​الحزب التقدمي الإشتراكي​.

وأسوأ ما في "حرب التغريدات" هذه، انها تخرج من كل الضوابط والمعايير، ولو أن مضمون ما قيل، قاله مواطن عادي في حق مسؤول، لكان مصيره الإدعاء عليه فالسجن، لكن أن يتبارز المسؤولون والسياسيون "فذنبهم مغفور" ولو أنهم تسببّوا في إشعال فتيل التوتر السياسي وإستنفروا قواعدهم وكأن البلد بألف خير ويتحمَّل كل هذه الإستفزازات المتبادلة.

***

الرئيس الحريري يغردّ بأن الإشتراكيين لا يعرفون ماذا يريدون.

فيرد الإشتراكيون بأنهم يريدون رئيس حكومة (في لَطْشَة إلى انهم يعتبرون رئيس الحكومة تخلى عن صلاحياته لمصلحة غيره).

الرئيس الحريري يغمز من قناة الاشتراكيين بأنهم قليلو الوفاء.

فيرد الإشتراكيون مذكِّرين الرئيس الحريري بأنه عندما جاء موفد السيد ​بهاء الحريري​ لأقناع وليد جنبلاط بدعمه ليكون رئيسًا للحكومة، رفض الأمر وتمسك بالرئيس سعد الحريري.

***

وعلى هذا المنوال استمر "الإشتباك التويتري" وتوسَّع ليشمل قادة الصف الأول من الفريقين، كما بلغ القواعد الشعبية للطرفين.

ماذا يعني كل ذلك؟ وما هي قراءته السياسية؟ وما هي إنعكاساته على العلاقة بين بيت الوسط والمختارة؟ وأخيرًا وليس آخرًا، ما هي إنعكاساته على العمل الحكومي

خصوصًا ان لجنبلاط وزيرين في الحكومة في حقيبتين اساسيتين: التربية والصناعة؟

العلاقة بين الحريري وجنبلاط ليست على ما يُرام، وهذا ليس كلامًا تحليليًا، بل إن قائله هو الوزير ​وائل ابو فاعور​ في تصريح صحافي.

جنبلاط، ومنذ لقاء الخمس ساعات بين الرئيس الحريري ورئيس ​التيار الوطني الحر​ الوزير ​جبران باسيل​، إستشعر بمحاولة تطويقٍ وعَزْل، فمن المؤكد ان ذاك اللقاء المطوَّل وضع طبخة التعيينات على نار هادئة، ووصلت إلى مسامع جنبلاط انه لم يعد الوحيد في إختيار الأسماء الدرزية بل بات له "شركاء"، وهنا يتذكَّر واقعة الوزير الدرزي الثالث الذي جاء من حصة النائب ​طلال إرسلان​، وعلى هذه القاعدة فهم جنبلاط الرسالة ومفادها ان التسميات الدرزية في التعيينات ستكون ثلثين له في مقابل ثلث للنائب ​طلال ارسلان​.

هذه النتيجة لا يرضاها زعيم المختارة وإنْ كان سيقبل بها على مَضَضْ.

***

ملف آخر يُزعج النائب جنبلاط هو سحب ملف المهجرين من يديه: وزير المهجرين من التيار الوطني الحر الذي يشكو جنبلاط من إستئثاره بكافة الملفات.

***

لهذه الأسباب مجتمعةً، فإن جنبلاط يعتبر ان العهد ليس عهده وأنه يقاتل على أكثر من جبهة سياسية ليحافظ على موقعه المتقدم داخل طائفته، فهل ينجح في فك الحصار عن نفسه وعن موقعه وعن حزبه وعن حصته في السلطة التنفيذية؟

المسألة ليست نزهة لكن ما هو مؤكد أن جنبلاط "يَعْرِف نفسَهُ" أنه حجر زاوية في المعادلة وأن تهميشه لن يكون ممكنًا وأن الإتفاقات الثنائية لا يمكن ان تكون على حساب آخرين.

***

لكن على الجميع، ولا سيما المتراشقين على التويتر، ان يدركوا ان البلد في مكان آخر، وأوجاع الناس في مكان آخر، وأن تغريدة من هنا وتغريدة من هناك لا تعالج

التخبّط في ​الموازنة​ والصرف على القاعدة الإثنتي عشرية وإطفاء جزء من الدين أو حتى جزء من فوائد الدين.