أكد وزير ​الزراعة​ ​حسن اللقيس​ في كلمة ​لبنان​ ب​الدورة​ الحادية والاربعين لمؤتمر منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة (​الفاو​) المنعقدة في روما أن "موضوعنا اليوم، حول ​الهجرة​ والزراعة والتنمية الريفية، ينطوي على أهمية كبرى، في ظل ما يشهده ​العالم​ ومنطقة الشرق الأدنى على وجه الخصوص، من أزمة نزوح حادة، مخلفة تداعيات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية على دول ​النزوح​، والدول المضيفة على حد سواء، ويحتم علينا اعتماد مقاربات استثنائية لاستيعاب التداعيات ومجابهة التحديات الناتجة عن هذه الأزمة".

واعتبر اللقيس أن "النزوح والهجرة واللجوء، على الرغم من كونها ظواهر ترتبط جميعها بالحراك السكاني، سواء ضمن الوطن الواحد أو خارجه، إلا أنه من الضروري التمييز بينها، لاختلاف تبعاتها وسبل معالجتها، لا سيما حين ترتبط بالأزمات والحروب. إن ما يواجهه لبنان يدخل في صلب هذه المسألة، وليس بعيدا عما تواجهه دول أخرى في المنطقة، حيث يستمر، منذ 7 سبع سنوات، في استضافة حوالى مليون ونصف المليون نازح، ما يمثل ربع عدد سكانه. ولا شك أن لبنان، كان ولا يزال، يعتمد على اليد العاملة الاجنبية في قطاعي الزراعة و​البناء​ بشكل خاص، إلا أن تدفق ​النازحين​ وتضاعف اعدادهم في فترة وجيزة، أدى إلى تفاقم هذه الازمة وزيادة المنافسة مع اليد العاملة المحلية، وخاصة عمالة ​الشباب​، وزيادة الهجرة الخارجية اللبنانية".

وأشار الى أنه "قد تجاوزت كلفة أزمة النزوح على ​الاقتصاد اللبناني​ 18 مليار دولار أميركي، فيما لم يتخط معدل النمو السنوي للسنوات السبع الاخيرة 1.5 %، و تجاوزت نسبة البطالة 35 %، مما انعكس زيادة ملحوظة في أعداد المهاجرين اللبنانيين من الريف والمدن الى دول خارجية، بحيث قدرت اعدادهم بحوالى 70 الفا سنويا. من هنا، إن مسؤوليات المجتمع الدولي تكمن ليس فقط في الحؤول دون شرعنة النزوح واللجوء بأشكالها كافة، وبخاصة تلك المرتبطة بالأزمات، لا بل وفي بذل الجهود لمساندة النازحين، والعمل على تسهيل عودتهم الآمنة الى بلدانهم، فهذا حق انساني، يستدعي تقديم كل الدعم اللازم لتوفير مقومات العيش الكريم لهم، في بلدانهم، ومن جهة ثانية دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المضيفة في مراحل ما بعد الأزمة. ونتطلع الى دور محوري لمنظمة الفاو في هذا المجال وعبر دعم الاستثمار في الزراعة والتنمية الريفية من اجل تحويل المناطق الريفية الى نقطة استقطاب للمستثمرين ولبرامج التنمية لا ان تكون سببا مباشرا للهجرة والنزوح".

ولفت الى أنه "في ظل هذا الواقع، نذكر بايجاز أبرز الإنجازات التي تحققت خلال السنتين الأخيرتين بفضل تضافر جهود العاملين في هذا القطاع، وتعاونهم الوثيق مع منظمة الفاو ومنظمات إقليمية ودولية ودول مانحة مشكورة. وقد تركزت الجهود على تعزيز وتطوير سلاسل الإنتاج الزراعي من مساعدة صغار المزارعين، لاعتماد الممارسات الزراعية الجيدة، وتعزيز دور الإرشاد الزراعي والبحث العلمي، والإدارة الرشيدة للأسمدة، ونؤكد في هذا المجال على اهتمام لبنان بمدونة السلوك الدولية، بشأن استخدام الأسمدة وادارتها بشكلٍ مستدام، والمعروضة على مؤتمرنا لإقرارها، كما تمكن لبنان من السيطرة المبرمجة على أمراض عديدة في إطار استكمال خطته لمكافحة الأمراض الوبائية، ويستمر العمل في تنفيذ البرنامج الوطني للغابات ومبادرة زراعة 40 مليون شجرة حرجية. والتي اكتسبت أهمية كبرى تمثلت بإدخال مقاربات جديدة في عملية التحريج تتلاءم والنظم الايكولوجية".

وأكد اللقيس انه "يجري العمل على تطوير البنى التحتية وزيادة انتاجية مياه الري ، والإدارة المستدامة لمصايد الأسماك. وفي الوقت الذي يعمل لبنان على تطوير النظام الوطني لسلامة الغذاء وإنشاء نموذج رصد تلوث الأغذية على أساس المخاطر، نؤكد أهمية تلازم الغذاء السليم مع الغذاء الصحي وعلى تشجيع الأنماط الصحية وتعزيز النظم الغذائية المتوسطية، وحمية البحر الابيض المتوسط، التي تشكل إحدى أهم الأنماط الغذائية الصحية في العالم".

وأكد "اننا نستمر بالعمل على تعزيز عمل الشباب والمرأة وزيادة مساهمتهما في الاقتصاد الريفي، وبتنفيذ عدد من البرامج لدعم وتطوير القدرات الانتاجية والتسويقية للتعاونيات الزراعية والريفية والنسائية. إن هذه المبادرات تؤكد الحاجة الى مزيد من الدعم وتضافر الجهود من أجل تحقيق نتائج ملموسة وتحول في قطاعات الزراعة والأغذية ، ولإحداث نقلة نوعية في تدخلاتنا التنموية. من هنا اننا ننكب على تطوير رؤية للقطاع الزراعي للعام 2030، ونتطلع بكل ثقة إلى أن تقودنا هذه الرؤية نحو قطاع زراعي عالي الجودة وذات قدرة تنافسية، يحقق مداخيل مستدامة للمزارعين و تنمية لمجتمعاتنا المحلية والريفية".