دعا رئيس "​جمعية تجار بيروت​" ​نقولا شماس​ إلى "إجتماع طارىء لكل الفاعليات التجارية في ​لبنان​، من جمعيات ولجان أسواق ونقابات القطاعات التجارية، في ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها المناقشات في ​مجلس النواب​، وفي أعقاب قرارات ​مجلس الوزراء​ المؤذية في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية الحمائية والرسوم على الإستيراد، الأمر الذي يشير إلى تفريط فادح في النظام التجاري الحر الذي يمثل أحد أهم ركائز الإقتصاد في لبنان".

وفي بيان له، اعتبر شماس أن "من واجب جمعية تجار بيروت، وهي العين الساهرة على ديمومة ​الدورة​ التجارية والإستهلاكية خصوصا، و​الحياة​ الإقتصادية في البلاد عموما، كما ومن واجب كل عضوِ من أعضاء المجتمع التجاري اللبناني، القيام بتنوير الرأي العام حول المخاطر الداهمة في حال إتخذت القرارات الخاطئة، والمثابرة في النضال في سبيل الحفاظ على ​الإقتصاد اللبناني​ الحر والعدالة الإجتماعية"، مؤكداً أن "الممر الإلزامي لتقليص ​العجز​ التجاري والحفاظ على مقومات الدورة الإقتصادية في لبنان، يكمن في تحجيم الإنفاق العام المتفلت وفي تقليص حجم ​القطاع العام​ الذي بلغ اليوم مستوى لا قدرة للاقتصاد الوطني على استيعابه على الإطلاق، كما وفي الإنضباط المالي الجاد والصارم. وذلك علاوة على مكافحة ظاهرة التهريب المستشرية التي تقض مضاجع التاجر الشريف والصناعي الكادح، وتشكل خطرا وجوديا على الإقتصاد وخزينة ​الدولة​. لكن وللأسف، تتخاذل السلطات الدستورية تباعا وتتلكأ في أخذ الإجراءات الصعبة، مستعيضدة عنها بتدابير مالية مدمرة للاقتصاد الوطني والنسيج الإجتماعي، كما تبين منذ العام 2017. فأصبح القطاع التجاري قطاعا منكوبا، يسجل فصلا تلو الآخر تراجعا مضطردا وموثقا من خلال مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسبنك لتجارة التجزئة، الذي بلغ للفصل الأول من سنة 2019 مستوى 44,24 مقارنة مع مؤشر الأساس (100) في الفصل الرابع لسنة 2011".

ولفت إلى أنه "للدلالة، إن هذا التراجع قد أدى في الأشهر ألـ 15 الماضية، أي منذ أوائل العام 2018 تقريبا، إلى إقفال عدد كبير من المحال التجارية بنسبة تراوحت بين %4 و %13 في ​أسواق بيروت​ بحسب المناطق الجغرافية. وعليه، إن أي تعريفات جمركية جديدة سوف تخلق حالة تضخم إضافية، فيما نسب التضخم هي أصلا مرتفعة في لبنان وتكوي المستهلكين، وتؤدي إلى عكس الجهود الجبارة التي يبذلها القطاع التجاري ضمن حملة "فكر بلبنان" برعاية ​بنك لبنان والمهجر​ - BLOM والآيلة إلى تخفيض الأسعار، ولو على حساب الهوامش التجارية، ذلك فقط لكي تبقى الأسواق اللبنانية مقصدا للسواح والمغتربين وللبنانيين المقيمين أيضا".

وأعرب شماس عن "إستنكار المجتمعين لأي زيادات في الرسوم والتي سوف تصيب حتما كل الشرائح الإجتماعية والقطاعات التجارية، وهي تتعرض أصلا إلى مضايقات في المعاملات الإدارية، مثل تصديق الفواتير في الخارج وتسجيل الموردين في الداخل، وحتى براءة ذمة ​الضمان​ التي تعطل صفقة تصدير لأكثر من شهر"، معتبرا أن "هذه المضايقات عند بوابات العبور تدخل في خانة التعريفات غير الجمركية التي تسهم كلها وربما تهدف في مكان ما، إلى عرقلة العملية التجارية وخنقها".

وشدد شكاس على أن "التجارة تشكل قطاعا منتجا بإمتياز، بما أنها تنتج خدمة وكونها المساهم الأول دون منازع في تكوين الناتج القائم، والمشغل الأول للقوى العاملة اللبنانية. وكل إتهام على أن التجارة هي نوع من أنواع الريع هو باطل ومردود لأصحابه، لأن دخل الريع مضمون، فيما باتت الخسائر المتراكمة تمثل السمة الأساسية للقطاع التجاري، فبات التاجر يجازف ويقترض ويستثمر ويخسر، بينما سواه ضامن لمداخيله ومن دون أي مخاطرة على الإطلاق" ورأى أنه "ينبغي على المعنيين تعديل المصطلحات المتداولة وتصويب البوصلة الإقتصادية لديهم، لأن أي كلام بعد اليوم عن ريع تجاري أو أي إساءة موجهة للتجار سيعتبران بمثابة تحليل لدم هذا القطاع، فيما المطلوب هو حمايته ورعايته ورد الضربات المؤذية عنه وكف يد السياسيين عن العبث في مصيره وديمومته".

وأضاف: "بقدر حرصنا على القطاع التجاري، نحن حريصون على القطاع الصناعي أيضا، وهو الذي يعاني مثلنا من شدائد المرحلة الراهنة، ونتفهم مطالبه المحقة بالدعم والرعاية. لكن للأسف، حول بعض السياسيين هذه المطالب المحقة إلى شماعة لإختبار إيديولوجيات بائدة وفاشلة من جهة، ولإمتصاص موارد مالية من المجتمع والإقتصاد لتغذية الخزينة بطرق ماكرة من جهة ثانية. فالعجز التجاري خطر داهم دون أدنى شك، لكن سببه الأول هو العجز في ​الموازنة​ العامة، وعبثا نحاول تقليص ذاك من دون تخفيض هذا"، معتبراً أن "الحمائية الجمركية هي، خلافا لما يروجه البعض، جرعة من السم في دسم الإقتصاد، كما يظهر لنا التاريخ الإقتصادي القريب والبعيد وإن إمبراطوريات صناعية غابرة وحالية فقدت سلطانها في الأسواق الداخلية و​العالم​ية، ولم تستطع الحمائية التجارية أن تنقذها، بل فاقمت من معاناتها لأنها قوضت التجارة وأضعفت الإستهلاك والنمو من دون أن تتمكن من إنعاش ​الصناعة​"، قال: "إن جمعية تجار بيروت ومعها القطاع التجاري، على أتم الإستعداد للدخول على خط معالجة الأوضاع الصناعية المتردية دون أن يكون ذلك على حساب القطاعات الأخرى والمستهلكين، فالحلول الجزئية لن تجدي نفعا ولن يتمكن أي قطاع من النفاذ بجلده من الأزمة الراهنة دون سواه من القطاعات الإنتاجية".

وتايع شماس: "فهيا بنا نبتعد عن الحمائية القاتلة للبلاد والعباد، وندشن سبل جديدة للتفكير والإبداع حول الحلول المطلوبة، من: دعم ​الطاقة​ والتسليف، إعفاء المواد الأولية من أي إقتطاع، تخفيض ​الضرائب​ والرسوم، تسهيل المعاملات الإدارية، شحذ القدرات التنافسية وتحديد القطاعات التي يتمتع بها لبنان بميزات تفاضلية، فتح أسواق ومنافذ جديدة، تيسير عمليات التصدير، التفاوض مع الدول المصدرة الكبرى حول كوتا إستيرادية من لبنان، تمكين الإنتشار اللبناني لتسهيل إنسيابية السلع اللبنانية حول العالم، إنشاء صندوق للاستثمار الصناعي يساهم في تعزيز رأس المال الصناعي كما وإنعاش المبادرة الفردية والأبحاث والتطوير والإبتكار والتدريب والتأهيل".

وأشار الى أن "الجمعية تبقى على أهبة الإستعداد للاجتماع ب​جمعية الصناعيين​ وبوزير الصناعة ​وائل ابو فاعور​ لدراسة المواضيع ذات الإهتمام المشترك بشكل رصين وعلمي، تةصلا إلى النتائج المرضية والمنصفة للقطاعين. وقد قبلت الجمعية أصلا الدعوة للحوار التي أطلقها رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي ​شارل عربيد​، من دون أي شروط مسبقة، بينما لم تتلقفها جمعية الصناعيين حتى الآن"، مؤكداً أنه "لا لبنان من دون إقتصاد حر، ولا إقتصاد مزدهر من دون قطاع تجاري قوي، ولا قيامة لأي قطاع بمعزل عن أو على حساب القطاع التجاري. فلا يخطئن أحد في حساباته السياسية والإقتصادية، ونحن في إنتظار ما سيحمله الآتي من الأيام من إجراءات فورية وصارمة لإتخاذ الموقف المناسب وتحديد الخطوات اللاحقة".