من العلامات الفارقة في التركيبة السياسية اللبنانية الحالية ولا سيما السلطة التنفيذية، ان هناك سيدة تتولى حقيبة سيادية أساسية هي ​وزارة الداخلية​، هذه السيدة هي ​ريا الحسن​ التي ما مرَّت في إدارة إلا وتركت أثرًا إيجابيًا فيها.

أقل ما يُقال فيها إنها وزيرة التواضع: "لا بهرجة لا فخفخة لا مواكب رنانة طنانة" بل هيبة ورهبة وحزم مسؤولة وابتسامة أم.

***

ريا الحسن لم تسقط بالمظلة على الشأن العام بل هي في صلبه في مسؤوليات دقيقة وحساسة، ولمَن لا يعرفون، فهي كانت مستشارة وزير المالية منذ العام 1992 حتى العام 1995، وهي تولت تنسيق تنفيذ الإصلاحات المالية في ​وزارة المالية​ اعتبارًا من ذلك التاريخ.

***

وتدرَّجت في الشأن العام إلى ان تسلمت مسؤولية بارزة في مكتب رئيس الوزراء بين عامي 2005 و2009، حيث كانت مسؤولة عن مجموعة من المشاريع المطروحة في رئاسة المجلس، وكانت عضواً في مكتب تنسيق الإصلاح الحكومي المكلف بمراقبة تنفيذ "برنامج ​باريس​ 3".

بلغت الثقة بها وبمهارتها في الأعمال إلى درجة تسليمها حقيبة وزارة.

شغلت منصب وزير المال بين 2009 و2011.

ريا الحسن حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال عام 1990 من "جامعة ​جورج واشنطن​" في ​الولايات المتحدة الأميركية​، وبكالوريوس في إدارة الأعمال عام 1987 من ​الجامعة الاميركية​ في ​بيروت​.

***

كل ما تقدَّم من سِعة عِلم واختبار شأن عام في أصعب الملفات وفي أدق المراحل، لم يمنع وزيرة الداخلية ريا الحسن من أن تواصل تواضعها.

ريا الحسن، من موقع المسؤول، الشاهدة الليلة مع الاعلامي مرسال غانم:

عقد التسعينيات

العقد الأول من القرن الحادي والعشرين

والعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

ثلاثون عامًا في العمل الإستشاري والوزاري والنيابي، لم يُسجَّل على الوزيرة الحسن خطأ واحد: لا في ال​سياسة​ ولا في المواقف ولا في الملفات التي ادارتها.

هذه ظاهرة نادرة في ​الحياة​ السياسية اللبنانية، فالسياسيون ​اللبنانيون​ يرتكبون الخطأ الواحد تلو الآخر ولا مَن يحاسب، على عكس هذه ​المرأة​ الحديدية التي تتمتَّع بقوة ناعمة وهادئة ولم ترتكب خطأ.

وبسبب دقتها ومثابرتها وشفافيتها فقد قُدِّر لها ان تواكب أدق المحطات والمراحل من باريس واحد الى باريس اثنين إلى باريس ثلاثة، وها هي اليوم في قلب الحدث لمواكبة مقررات "سيدر"، وما ادراكم ما هو "سيدر" الذي هو عبارة عن عشرة مليارات ​دولار​ قروض، وتقديمها مشروط من ​المجتمع الدولي​ بأن تتولى الدول والهيئات المقرضة، الاشراف على المشاريع المقرر تنفيذها.

***

ريا الحسن توعَّكت مطلع الاسبوع، والعناية الإلهية انقذتها على الدرج الداخلي لوزارة الداخلية، تعثرت رجلها فسقطت أرضًا، لكن ميزتها في القدرة على التحمل جعلها تقوم بسرعة لتتابع عملها المعتاد وكذلك عملها الطارئ في الإعداد لأطلالتها التلفزيونية الأولى مع مرسال غانم الذي سيمطرها بالملفات الكثيرة: من ​الأمن​ إلى ​الإرهاب​ إلى الميكانيك إلى ​المعاينة الميكانيكية​ إلى ​النازحين​. الحلقة ستكون غنية جدًا ودسمة جدًا خصوصًا ان وزيرة الداخلية مسؤولة بشكل مباشر عن سبع مديريات كبرى، وكأنها "مجلس وزراء مصغَّر" داخل ​مجلس الوزراء​.