حذرناكم منذ تأليف الحكومة باسم كل مواطن، بأسم الرأي العام، بأسم الشباب والشابات، بأسم المُغترب أكثر من المقيم.

اوقفوا الهدر والفساد ولا أمل الا بإسترجاع الاموال المنْهُوبة.

وها قد أتى يوم التصنيفات الائتمانية.

للمرة الألف نكتب بحرقةٍ ولوعةٍ وأصرارٍ للتاريخ وللأجيال الشابة.

وماذا بعد؟

بماذا يَتلهون؟

ماذا يَنتظرون؟

يقولون إنهم ينتظرون "سيدر"...

أموال "سيدر" تنتظر إقرار ​الموازنة​ والبدء بتحقيق الإصلاحات الإدارية:

هاتان الإشارتان لم تٌعطيا بعد للهيئات والدول التي ستوفِّر الأموال .

وبالمناسبة فإن اموال "سيدر" معظمها قُروضٌ أيّ دَيّنٌ فوق الديّنِ وبعض الهِبّات وقليلٌ من المنح.

"سيدر" على الشجرة، أما في اليد فمجموعة حقائق ومعطيات تكشفها وكالات تصنيف عالمية:

وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني اعتبرت أن "لبنان يستهدف خفض العجز لكن المركز المالي الخارجي للبنان لا يزال يتعرّض لضغوط، وهو ما يتضح في انخفاض الاحتياطات الأجنبيّة والودائع المصرفيّة في 4 أشهر منذ مطلع السنة وحتى شهر نيسان".

ولفتت إلى أنّ "تشكيل الحكومة اللبنانية في كانون الثاني لم يدعم المؤشرات الرئيسيّة مثل نمو ودائع البنوك والاحتياطيات الأجنبيّة" مؤكدة ان "استمرار انخفاض الاحتياطي قد يسبب المزيد من تآكل الثقة.

***

الأوجع والأقسى: ما لم تقله "​موديز​" قالته "فيتش" التي أبدت قلقها من ضعف نموّ الودائع وتباطؤ التدفقات النقدية.

"موديز" وضعت إصبعها على الجرح، فذكرت إن التحويلات من الخارج كانت تغذّي قطاع العقارات والخدمات المالية والسياحة فالتحويلات من الخليج تتراوح بين 20% و25% من صادرات لبنان، ويعمل 330 ألف لبناني في ​دول الخليج​ وتحويلاتهم تمثّل ما بين 30% و40% من مجمل تحويلات المغتربين، نعم مجمل التحويلات التي تُمنّ على لبنان كانت من مغتربيه في الخليج، فماذا فعلتم من أجل الحفاظ على العلاقات الاخوية مع حكام الخليج على مدى سنين وفي المقدمة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي أحب لبنان ودعمه الى أقصى الحدود كذلك أطال الله تعالى بعمر أمير ​الكويت​ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي دعم لبنان من الصندوق الكويتي للتنمية في أكثر من مجال والحق يقال: أحبا لبنان أكثر من أهل سياسته وحديثاً متعهديه.

***

إستكمالاً للاستخفاف الجامح، يُخطئ مَن يعتقد بأن ما يحدث من إضرابات واعتصامات هو أمرٌ عرضي يمكن ان ينحسر بسهولة أو يتوقَّف بإشارة يد...

لا يا سادة، الأمور باتت أبعد من "وحي أو إيحاء أو إعطاء كلمة سر، الأمور باتت في عقل كل متقاعد وفي عقل كل استاذ جامعي وفي عقل كل قاضٍ، هذا المثلَّث يتلفت من حوله فيجد أن تمريرات وصفقات تمر من دون حسيب أو رقيب، فيسأل بينه وبين نفسه: "إذا كانت الأمور تسير وفق منطق الصفقات والتسويات فلماذا تمر هذه الصفقات والتسويات على حسابنا؟ ولماذا علينا نحن ان ندفع فيما أصحاب الصفقات هم الذين عليهم ان يدفعوا لأن الملاءة عندهم وليست عندنا".

***

ما حصل فجر الخميس 27 حزيران 2019 يجب التوقف عنده مليًا:

الدنيا ليست بخير، والأمور تسير إلى الأسوأ.

استفاق اللبنانيون على قطع كل طرقات لبنان من قِبل ​العسكريين المتقاعدين​، لم تنجح كل الشفاعات والمطالبات والنداءات في ثنيهم عن خطوتهم، ولم يكن بإمكان أحد منعهم من تنفيذ خطوتهم.

ماذا يعني ذلك؟ يعني ان العسكريين المتقاعدين أصبحوا خارج دائرة السيطرة وانه لم يعد بإمكان أحد ان يدَّعي أنهم في "جيبِه".

***

فجر الخميس، في حال تكرر، فإنه سيضع الاستقرار على المحك والوعود بصيف واعد على المحك.

اما المواطن العادي فإنه يسأل: ما ذنبي أنا ان أكون عالقًا بين عسكري متقاعد يطالب بحقه ويقطع الطريق عليَّ، وبين دولة عاجزة لا تؤمن له حقه ولا تفتح لي الطريق لتأمين رزقي؟

هذا مأزق... وللتذكير، فإنه لحظة إقفال الطرقات عند الخامسة فجرًا، كان معظم المسؤولين نياماً في فراشهم.

***

المأزق الثاني يتعلق بثمانين الف طالب في ​الجامعة اللبنانية​ ما زالوا خارج كلياتهم وصفوفهم، كان يُفترض بالسنة الجامعية أن تكون قد انتهت وانجز الطلاب امتحاناتهم، ومَن أراد السفر الى الخارج يسافر، ومَن يريد أن يلتحق بعمل، يلتحق... لكن ما حصل كان كارثة:

أساتذة الجامعة اللبنانية مُضربون منذ شهرين.

الطلاب خارج صفوفهم.

العام الدراسي لم يُنجَز.

الذين يريدون ان يحصلوا على شهاداتهم فاتهم القطار.

لا التحاق بمراكز عمل.

لا إمكانية للإلتحاق بجامعات في الخارج.

مصير ثمانين ألف طالب الى أين؟

***

الشيء الإيجابي الوحيد بأنه أعطيت وعود من دولة ​الإمارات العربية المتحدة​ وحضور وفد رفيع المستوى مؤخراً من ​المملكة العربية السعودية​ وكذلك من دولة الكويت الشقيقة الحبيبة وأعطي الضوء الاخضر لرعايا تلك الدول بالحضور الى لبنان لتحريك العجلة الاقتصادية بإذن الله تعالى.