لم يعد مركز "ميرنا شالوحي" مجرد "سنتر"، بل أصبح شأنه شأن مقرات قليلة جدًا في لبنان حيث تزدحم الملفات وحيث يُتخذ القرار...

في "ميرنا شالوحي" المركز الرئيسي للتيار الوطني الحر الذي على رأسه الوزير والنائب ورئيس أكبر تكتل نيابي، ​جبران باسيل​، الذي ينطبق عليه قول أبو الطيب المتنبي "مالئ الدنيا وشاغل الناس":

الوزير جبران باسيل، مع ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، لديه أحد عشر وزيرًا في ​الحكومة​، وكتلة نيابية من 29 نائبًا، والأهم من كل ذلك هو "الأقرب الأقرب" إلى "عقل الجنرال وقلب الجنرال"... لا يمر شيء إذا لم يوافق عليه، وتصعب عرقلة شيء أعطاه باسيل ​الضوء​ الأخضر.

***

اليوم، الزمن زمن تعيينات، والتوقيت سيكون بعد إنجاز ​الموازنة​ العامة للعام 2019 في ​مجلس النواب​ وإصدارها بقانون، أي الحد ​الاقصى​ لصدور حزمة ​التعيينات​ سيكون بين أواخر شهر تموز وأوائل شهر آب.

الملف عند الوزير جبران باسيل في مقر التيار الوطني الحر في سنتر ميرنا شالوحي، والعارفون يطرحون المعادلة التالية:

ولَّى زمن "مد اليد" على التعيينات المسيحية خارج زعاماتهم.

اليوم، إذا كان "يحق" لبيت الوسط أو غيره أن يكون له رأي في تعيين شخص في موقع هو عرفًا للمسيحيين، فإن من حق "سنتر ميرنا شالوحي" أن يكون له رأي في موقع محسوب عرفًا على بيت الوسط.

بهذا المعنى يعترض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على تعيين نديم المنلا في رئاسة مجلس الإنماء والإعمار، وهذا الفيتو الذي يضعه الوزير باسيل على المنلا، من شأنه ان يعيد خلط الأوراق في ما يتعلَّق بسلة التعيينات ككل.

***

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل الرئيس ​سعد الحريري​ قادر على الإعتراض على تمسك الوزير جبران باسيل بالسقف السياسي والإداري الذي يضعه؟

العارفون يعتقدون بأن الرئيس سعد الحريري يحكمه حدَّان: الأول أنه لا يعترض على سقف الوزير باسيل لأنه "مرتبط معه بتسوية تمتد لِما بعد انتهاء العهد"، والحد الثاني انه لو شاء الإعتراض فإنه غير قادر على ترجمته، فموازين القوى القائمة اليوم تُثبت بأن الوزير باسيل أقوى مما يعتقد كثيرون.

في ​البيئة​ السياسية، وحتى الطائفية والمناطقية، للوزير جبران باسيل، ليست هناك زعامات على يمينه تسبب له إرباكات، على عكس واقع الرئيس سعد الحريري المليئة بيئته السياسية وغير السياسية بمن هم على يمينه، وغالبًا ما لجأ إلى رئيس الجمهورية أو إلى الوزير جبران باسيل أو إلى الإثنين معًا ليتحرر من هذا العبء.

***

هذه الحقيقة يعرفها الوزير جبران باسيل جيدًا، وكذلك يعرفها الرئيس سعد الحريري جيدًا، لذا فإن غد التعيينات لناظره قريب، وسيتأكد الجميع أن "كعكة" التعيينات هي في جيب الأقوى... جبران باسيل، وحسابات الرئيس الحريري أن باسيل هو المتقدِّم بين الأقوياء لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء عهد العماد عون... هكذا "يحسبها" الحريري، فلا يعترض على ما يطرحه باسيل لئلا يعترض عليه هذا الأخير... في العهد المقبل.