هي ليست المرة الأولى التي يُمنع فيها فريق، أو سياسي، او شركة، أو مجموعة ما، من دخول منطقة ​لبنان​ية. وكأنّ البلد مقسّم كانتونات طائفية. هنا يسأل اللبنانيون: هل البلد ملك قوى محدّدة او زعماء طوائف، أم ملك ​الشعب اللبناني​ بأكمله وبتعدد طوائفه؟.

يحقّ لوزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، بكل صفاته: وزير، رئيس تيار سياسي، مواطن لبناني، أن يزور أي منطقة لبنانية. كما يحق لأيّ سياسي آخر أن يجول في كل مناطق لبنان من دون أي موانع.

كما يحقّ لأيّ لبناني أن يلقي خطاباً سياسياً، من دون رادع، في بلد ديمقراطي، إستناداً إلى ما يكفله الدستور والقانون.

لكن المفروض ألاّ تتحوّل تلك الديمقراطية الى شعار يُستخدم عند الحاجة، فمن حرّض على ​قطع الطرق​ في الجبل امس؟ ولماذا جرى إستخدام الشارع؟ من هو صاحب المصلحة بضرب التسويات، والمصالحات، وفرض الفتنة الطائفية والمناطقية؟.

هناك رأي يقول "إن قطعَ الطرق لمنع باسيل من التجوّل في الجبل هو بطلب من رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​وليد جنبلاط​، الذي يعيش أزمة سياسيّة، وهو على خصومة مع باسيل، زاد منها التحضير للتعيينات التي لم يعد فيها جنبلاط وحيدا في تحديد اسماء الدروز، ولا فرض أسماء مسيحيين، إضافة الى قلق جنبلاط من التسوية القائمة بين رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وباسيل، وشعوره بأنه بات على هامش القرار السياسي".

لكن رأياً آخر يتحدث عن "ممارسات في الجبل وكأنّه مملكة خاصة تاريخياً". يستحضر أصحاب هذا الرأي ما يحصل في جرود عين دارة، "حيث ينفّذ بعض المحازبين نفس الممارسات لمنع عمل مجمع صناعي، رغم قانونيّته". الفارق بين احداث الامس ومحطات عين دارة أن الهجوم الذي يتمّ على المجمع يكون بعيدا عن الإعلام، ومن دون تدخّل اجهزة الدولة.

ويقول هؤلاء أنفسهم "إن الدولة التي لا تفرض القانون في أيّ بقعة، وهي تقف تتفرج على ممارسات مسلّحة في جرود عين دارة ستُصبح مكسر عصا، فلو تمّ تنفيذ الأحكام القانونية في جرود المنطقة المذكورة منذ اربع سنوات، لما تكرر المشهد في الجبل امس".

فهل المطلوب ان تسعى القوى لتأسيس مجموعات حماية ذاتيّة، كما يفعل آل فتوش في جرود عين دارة، لحماية ممتلكاتهم ومعدّات المجمّع الصناعي، ودفع أموال طائلة لعناصر الحماية في ظل غياب الدولة؟.

بعد احداث قبرشمون امس وقطع الطرق في الجبل صار لزاماً على مؤسّسات الدولة التدخّل لفرض القانون، ومنع بقاء أي مساحة لبنانيّة ملكاً لفريق او زعيم طائفي. الاّ اذا كان المطلوب "ان يبقى مكوّن اجتماعي اهل ذمة، وهذا هو المستحيل بذاته".

لا يجوز ان تمر الاحداث الأخيرة مرورا عادياً، بل يبدأ التصرف من جرود عين دارة اولاً، بمنع وجود بعض العناصر الّتي تحمل السلاّح من فرض القوّة و"محاولة فرض الخوّة"، كما يقول اصحاب المجمّع الصناعي، مرورا بمنع فرض قطع الطرقات، ومحاسبة من أعطى الأوامر لإقفالها، وصولا الى مساءلة المتورطين.