تصدّر مشهد اعتداء ​العمال​ الكازاخيين على المهندسين والعاملين العرب في أحد أكبر المخيّمات العمالية لواحدة من أكبر شركات المقاولات في العالم (المقاولون المتحدون CCC) والتي تنفذ المشاريع المتعلقة بإنتاج ​النفط​ والبتروكيماويات في مدينة تنجيز-كازاخستان.

عند حصول الاعتداء، انتشر خبر مفاده أن السبب هو صورة نشرها المهندس ال​لبنان​ي العامل في الشركة ايلي داوود على احدى وسائل التواصل الاجتماعي "واتساب" التي تظهر فيها زميلته الكازاخيّة بوضع اعتبرها البعض مشينة بحق المرأة. حيث انفجر الوضع وبدأ هجوم العمال المحليين على العمالة الوافدة بكل تخصّصاتها وفئاتها وخاصة اللبنانيين والفلسطينيين و​الأردن​يين العاملين في الشركة العملاقة وقد أصيب في الهجوم عدد من العمال العرب، وتم نقلهم إلى المستشفيات للعلاج.

ايلي داوود والحقيقة

وفق معلومات "​النشرة​"، فإن اللبناني إيلي داوود مدير قسم النقل اللوجيستي في مشروع الـ"سي سي سي" لم يخلّ بالأداب، والفتاة التي أخذ الصورة برفقتها هي زميلة مقرّبة منه وليست هذه المرة الأولى التي ينشر صورة لهما.

ولفتت المعلومات إلى أن "خفايا القصّة هي ان داوود بحكم مركزه كان يدير موضوع النقليّات بما فيه الباصات المستأجرة من عدّة شركات محليّة على أساس ساعات العمل، وبعض هذه الشركات مفروضة على الـ"سي سي سي" بحكم المحسوبيّة التي تتمّ عن طريق الأشخاص المسوؤلين عن العلاقات بين الشركة– الدولة-العمّال. وبعضا يفرض على داوود تسجيل ساعات عمل إضافيّة للباصات المستأجرة بدون عمل، وكانوا يقومون بتهديده مع الأفراد العاملين معه من الجنسية الكازاخيّة.

وأشارت معلومات "النشرة" الى أنه منذ حوالي شهر حاول هؤلاء إقالة الأفراد المحليين العاملين معه، الى ان استغلوا فرصتهم الذهبية، حين نشر داوود صورة مع زميلته الكازاخيّة بموافقتها على سبيل الفكاهة دون نيّة الإساءة للشعب الكازاخي على "واتساب ستاتوس". فطلبوا منها الادّعاء عليه، لكنها رفضت لأنّ الامر هذا كان بموافقتها ولا مشكلة لديها. إلا أن احد الأشخاص استغلّ الصورة وارسلها مع نص استفزازي الى مواقع التواصل في حقل تنغيز تحريضاً ضدّ داوود لاقالته. فقامت الشركة فوراً بترحيله من المكان لاحتواء القضية. ولم يكن بالحسبان أن الأمر سيتفاقم على هذا النحو.

استغلال رخيص

ان تواجد الـ"سي سي سي" كشركة عربيّة وبناء أكبر حقل نفط في العالم بحصّة أكثر من مليار و٢٠٠ مليون دولار لم يرق لشركات منافسة من جنسيّات أخرى، حيث اغتنموا الفرصة لتحريض العمال ضد العرب فقط.

كانت شركة "سي سي سي" قد علمت مساء الجمعة ان العمال ينوون التجمّع، لكن لم يكن بالحسبان أن الامور ستتفلّت على هذا النحو، ولم تتّخذ الإجراءات المناسبة لمنع حدوث الهجوم العنيف، خاصة ان المسؤول عن علاقات العمّال لم يحذر العرب منهم قبل الحادث، بينما اكتفى بإرسال مساعدة تعمل لصالحه، لم تتمكن من كبح جماح العمال الكازاخيين، وحصل ما حصل.

بعد حصول الأحداث قامت الشركة بإخلاء الموظفين العرب الى مكان آمن، ثم إلى مدينة أتيراو التي تبعد عن المشروع ٤٥٠ كلم وأمّنتهم في فنادق محميّة بمؤازرة من الشرطة المحليّة والجيش.

وعلمت "النشرة" ان شركة "سي سي سي" قد ترسل طائراتها الخاصة لترحيل العمال العرب الى الأردن ولبنان، الا أنّ هذا الامر قيد الدرس حتى ينجلي الغبار عن الوضع النهائي وتأمين الضمانات لاستمرار عمل العرب.