قبل أن يقتل مرافقا وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​ برصاص السلاح المتفلت، كان من المفترض ان تثمر هذا الأسبوع وساطة رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ لقاءً لغسل القلوب بين رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ​وليد جنبلاط​. لقاء يأتي بعدما إندلعت الحرب السياسية بين الفريقين، والّتي بدأت بخلاف على رئاسة بلدية شحيم ثم إنفجرت بتصريح لوزير الصناعة ​وائل أبو فاعور​ إنتقد فيه ​تيار المستقبل​.

لقاء غسل القلوب بين حليفي الأمس، يبدو أن الزعيم الدرزي إستبقه وقال من قرى ​قضاء عاليه​ الأحد الفائت، ما يريد قوله لسعد الحريري وعنوانه، إما أنا وإما (رئيس التيّار الوطني الحر وزير الخارجيّة) ​جبران باسيل​. هذا ما اكدته جولة الأخير على قضاء عاليه حيث إستقبله مناصرو الحزب الإشتراكي بقطع الطرقات والإصطدام بدوريات الجيش كل ذلك بهدف منع وصول باسيل الى كفرمتّى حيث كان شباب التيار الوطني الحر يقيمون مخيماً حزبياً.

جبران باسيل، كلمتان تلخصّان سبب الخلاف الجنبلاطي مع الحريري. هذا ما تؤكده المصادر المتابعة لعلاقة الرجلين، وتضيف "عندما يسأل الإشتراكيون عن سبب خلافهم مع الحريري، يجيبون بأن ممارساته تضرب إتفاق الطائف، وأن رؤيته الإقتصادية ستغرق البلد بمزيد من العجز والديون، لكن الخلاف في مكان آخر، وخصوصًا في العلاقة السياسية التي تجمعه وباسيل، والتي يعتبرها الإشتراكيون أنّها سبب كل خساراتهم السياسية منذ إقرار قانون الإنتخاب النسبي مروراً بالإنتخابات النيابية ونتائجها، وصولاً الى تشكيل الحكومة وتسمية صالح الغريب وزيراً للدولة لشؤون النازحين وإنضمامه الى تكتل لبنان القوي، هذا بالإضافة الى تسمية إبن الشوف والتيار ​غسان عطالله​ وزيراً للمهجرين".

أبعد من علاقته مع باسيل، سيسمع الحريري خلال لقائه جنبلاط هجوماً عنيفاً على التسوية الرئاسيّة التي أوصلت الرئيس العماد ​ميشال عون​ الى قصر بعبدا. وهناك بين المتابعين من يقول قد يتمنى الزعيم الدرزي على رئيس الحكومة وتيار المستقبل، التخلي عن تحالفاته السياسية الحالية والعودة الى تحالفه السابق مع الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، هذا مع الحفاظ على علاقته الجيدة بالتيار الوطني ورئيس الجمهورية الأمر الذي يرفضه الحريري بحسب أوساط مقربة منه، على إعتبار أنه يشكل خطراً على حكومته التي يعوّل عليها كثيراً لإعادة ما خسره شعبياً في الشارع السني خلال الإنتخابات النيابية الأخيرة، وفي هذا السياق تضيف الأوساط عينها، "في التشكيلة الحكومية توازنات وكتل لا يمكن تخطّيها وإلا يصبح العمل الحكومي صعباً ومن دون إنتاجيّة، لذلك لا يجب إعادة عقارب الساعة الى الوراء سياسياً، والمطلوب تدوير الزوايا والحفاظ على أوسع تحالف وأكبر شبكة أمان سياسية تبعد الحكومة عن دائرة السقوط في المحظور".

لقاء غسل القلوب بين الحريري وجنبلاط سيحصل عاجلاً أم آجلاً لكنه قد يتأخر بعض الشيء بسبب الجريمة البشعة التي أدّت الى سقوط اثنين من موكب الوزير صالح الغريب الذي إتهم والحزب الديمقراطي مناصري الحزب الإشتراكي بإرتكابها. وستحضر الجريمة بالتأكيد خلال لقاء الرجلين وذلك إنطلاقاً من ضرورة تخفيف الإحتقان الدرزي-الدرزي بين جنبلاط من جهة وأرسلان والوزير السابق وئام وهاب من جهة أخرى.