لفتت مصادر وزارية عبر صحيفة "الشرق الأوسط" الى أن "الحصيلة النهائية للمداولات التي جرت في اجتماع ​المجلس الأعلى للدفاع​ الذي عُقد أول من أمس، برئاسة ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ وخُصّص للبحث في كيفية تطويق الحوادث الدامية التي شهدها بعض البلدات في ​قضاء عاليه​، أجمعت على ضرورة إعطاء الأولوية للمعالجة السياسية شرط أن تتلازم مع فرض الإجراءات الأمنية المشدّدة لإعادة الهدوء إلى هذه البلدات وقطع الطريق على إقحامها في متاهات الفوضى"، مشيرة الى أن "الأكثرية في مجلس الدفاع رأت أن المعالجة السياسية تشكّل المعبر الإلزامي لوضع حد لتمادي الفوضى وانتقال ​العنف​ من منطقة إلى أخرى".

وبينت المصادر أن "هذا لا يعني إعفاء ​القوى الأمنية​ من جيش وقوى أمن داخلي من مهامها في إعادة الهدوء، خصوصاً أنها لعبت دوراً في استعادة السيطرة على الوضع، لكن من غير الجائز رمي المهمة عليها وحدها من دون إشراك أركان الدولة وكبار المسؤولين في توفير الغطاء السياسي لإنهاء الأوضاع الشاذّة التي ترتّبت على اندلاع الحوادث الدامية"، موضحة أن "هناكما يشبه الإجماع داخل مجلس الدفاع بعدم إقحام الأجهزة العسكرية والأمنية في الخلافات السياسية، وبعض الأعضاء في المجلس لم يوفّق في دعوته إلى تكليف ​الجيش​ القيام بحملات دهم لتوقيف المشتبه بهم في افتعال الحوادث".

وعزت السبب إلى أن "هذا البعض انطلق من الدخول في تصفية حسابات سياسية أو شخصية على خلفية انحيازه لفريق دون الآخر بذريعة أن هناك من كان يخطط لاغتيال هذا الوزير أو ذاك النائب"، مؤكدة أن "تطويق ذيول ومضاعفات هذه الحوادث بالخيار الأمني لم يكن ممكناً. فلا مشكلة أمام القوى الأمنية في ضبط الوضع وملاحقة من تثبت علاقته بها. لكن المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي لأن الأسباب سياسية بامتياز".

واعتبرت المصادر أن "موقف قيادتي الجيش و​قوى الأمن الداخلي​ لجهة تعاطيهما مع الحوادث الدامية لقي ارتياحاً من قِبل مجلس الدفاع وإن كان البعض حاول اللجوء إلى المزايدة الشعبوية انتصاراً لفريق على الآخر. ورأت أن موقفي رئيسي الجمهورية و​الحكومة​ لقيا ارتياحاً أيضاً"، كاشفة أن "البعض ومن بينهم وزير الدولة لشؤون ​رئاسة الجمهورية​ ​سليم جريصاتي​، طرح إحالة الحوادث الدامية إلى ​المجلس العدلي​ بذريعة أنها تهديد ل​أمن الدولة​ واستقرارها، وأن هناك مَن كان ينوي استهداف وزراء، لكن البعض الآخر رأى أن مجرد إحالتها يستدعي أن تأتي هذه الإحالة متلازمة مع إحالة حوادث ​الشويفات​ التي حصلت سابقاً إلى المجلس أيضاً، خصوصاً أن المتهم الرئيسي فيها لجأ إلى دمشق ويحظى بدعم من النظام فيها، رغم أن رئيس الجمهورية أبدى رغبة لإقفال الملف، لكنه لم يلقَ التجاوب المطلوب رغم أن رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" ​وليد جنبلاط​ كان أول من تجاوب معه".

ونوّهت المصادر الوزارية بالموقف المسؤول لقائد الجيش ​العماد جوزيف عون​، في اجتماع مجلس الدفاع، وقالت إنه "يتهيّب ما حصل في بعض البلدات وأن وحدات الجيش قادرة على استعادة زمام المبادرة، لكن لا بد من العمل لتنفيس الاحتقان وهذه المسؤولية تقع على عاتق السلطة السياسية. كما أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي ​اللواء عماد عثمان​، عرض بالتفصيل ما حصل".

وأكدت المصادر الوزارية أنه "لا مشكلة في إحالة هذه الحوادث إلى المجلس العدلي، شرط أن تأتي الإحالة متلازمة مع إحالة ملف الشويفات، وإلا فإن مجرد إحالتها منفردة تعني أن هناك مَن يخطط منذ الآن لتبرئة فريق لأغراض سياسية".