من عيون الشعر العربي، بيتٌ من الشِعر ينجح نجاحًا باهرًا في توصيف الوضع ال​لبنان​ي.

يقول بيت الشعر:

"وَلَيسَ يَصِحّ في الأفهامِ شيءٌ إذا احتَاجَ النّهارُ إلى دَليلِ"

معنى هذا البيت: "إذا احتاج النهار إلى دليل، فما معنى الشرح ومحاولات الإفهام"؟ فالنهار يُعرَف من دون اي جهد لشرحه.

***

كم ينطبق هذا البيت على الوضع اللبناني، إلى درجة يمكن معها القول:

"وليس يصح في الإفهام شيء إذا احتاج الوضع اللبناني إلى دليل"

فالمؤشرات كثيرة وكبيرة وخطيرة وهي لا تحتاج سوى إلى استجماعها، وبالإمكان التقاطها من الواقع على الارض ومن المواقف والتصريحات ومن التقارير والدراسات ومن أقوال الخبراء، وهذه كلها كافية للتدليل على تصوير ان الوضع اللبناني ليس على حافة الهاوية بل إنه يُخشى ان يكون قد خطا خطوته الاولى في اتجاه الهاوية. وهذا ليس صحيحاً إذ أن البلد بالرغم من معاناته لا يزال ينبض بروح الحياة بتحدٍ من مواطنيه.

***

للأمانة مع كل هذه السوداوية التي يمر بها لبنان وطن الأرز، عبر عقود، لا يزال تعباً شعباً وناساً انما هو شامخٌ للصمود، إن بالمقيم أو بالمغترب ولأول مرة في تاريخ لبنان المعاصر وبكل صدق فتح ​جبران باسيل​ قنوات فعلية مع كل المغتربين في أقاصي العالم.

***

نسوا ان شعب لبنان بالرغم من معاناته وقهره يستميت حباً بلبنان وإن استؤصل الهدر والفساد يعود لبنان الى سابق عصره الذهبي ولو بعد حين.

فعليه المؤشرات السلبية أكثر من أن تُحصى، ومنها:

غرَّد أحد النواب من كتلة نيابية وازنة، فكتب يقول "أخبرني أحد أصحاب المنتجعات السياحية في المتن الأعلى ان ثلاثة أرباع حجوزاته لهذا الشهر قد ألغيت في غضون ٢٤ ساعة بعد احداث الجبل الاخيرة. ومع ذلك اكبر قضية في البلد تنحل بأيام ونعود الى الحياة مهما كانت صعبة".

***

مؤشر ثانٍ اكثر خطورة وكأن هناك هجمة مركزة ومبرمجة ان تجعلنا نقبل بصفقة القرن إذ "يرى ​صندوق النقد الدولي​ انه من المهم أن يبدأ لبنان بعملية تعديل مالي وإصلاحات هيكلية كبيرة لاحتواء الدين العام وزيادة النمو، وبناء على المعلومات الحالية من المرجح أن يتجاوز العجز المتوقع بكثير المستوى المستهدف الذي أعلنته السلطات في لبنان".

هل يريدوننا ان نعلن الإنهيار؟ لا وألف لا.

تكمل الهجمة طريقها في ما قاله صندوق النقد الدولي، هو وضعه أكثر من ملاحظة على أداء ​مصرف لبنان​، فيقول في هذا المجال: "إن مصرف لبنان المركزي حافظ على الاستقرار المالي لسنوات لكن التحديات التي يواجهها في ذلك قد نمت. نسي صندوق النقد الدولي ان البنوك ولغاية اليوم، ما من مُودعٍ حوّلَ أموالَهُ الى الخارج، ومصرف لبنان مليء باحتياط مالي وفير".

***

وتنهمر المؤشرات أيضًا ما حكي عن ان "اتفاقًا بين مصرف لبنان و​وزارة المال​ على إصدار سندات خزينة بقيمة 11 ألف مليار ليرة بفائدة 1%. وأن مصرف لبنان لا يمكنه وحده الاكتتاب بهذا المبلغ، ولا يمكنه إجبار المصارف على المشاركة مباشرةً، لأن وكالات التصنيف تعتبر هذه الخطة مشابهة لعملية إعادة هيكلة الدين العام التي تفسّرها ستاندر أند بورز على أنها تخلف عن سداد الديون. كما ان الدولة بحاجة الى نحو 3.6 مليارات دولار لاصلاح ​مؤسسة كهرباء لبنان​".

***

أما الخبير الدولي الذي شغْلهُ الشاغلُ "طَلس قُلوبنا بالسواد" مع أنها رماديةٌ داكنة، إذ يقول جملة من الأرقام التي لا تدعو إلى الإرتياح على الإطلاق، ومنها:

- الدين العام سيصل في تصورنا الى ما يقارب ٩٥ مليار دولار في آخر ٢٠١٩ .

- لتصبح نسبة الدين العام الى مجموع الدخل المحلي 160%.

- بذلك يصبح لبنان البلد الأول الأعلى في العالم لنسبة مديونيته لناتجه العام

المحلي... السنة المشؤومة 2019 ستنتهي بعد كم شهر ونبدأ بالحفر لإستخراج الغاز في اوائل عام 2020 لذلك نتفائل ان التزم مسؤولونا.

- الفوائد للإستدانة أصبحت مرتفعة جداً صح، لكن حلول عام 2020 ندعو فيه بالخير والبركة.

- خدمة الدين باتت تبتلع ٥٠% من العائدات الضريبية، ودعم ​قطاع الكهرباء​ يحوز ١٥%، لتغادر هذه السنة المشؤومة ونبدأ بالعام 2020 متفائلين بحذر إن تنبَّه مسؤولونا أن الفرق كبيرٌ جدا بين ان يهتز لبنان أو يسقط.

- القطاعات الإنتاجية أي السياحة والزراعة والصناعة، أليس في بلاد المال والبترول أيضا هناك انكماشٌ يوازي أكثر ما نحن فيه.

***

نقول بفعل ايمان ان الله مع لبنان وشعبهِ وناسهِ، يضرب بيد ويتلقف بالاخرى، كيف ومتى وبأي طريقة العلم عند الله وحده.

بالخلاصة نحن الناس عَظُم علينا القهر والبؤس والاحباط من شتى الجوانب نردد:

ما أكثر الأوطان التي يبدأ فيها سجن المواطنين بالنشيد الوطني.

ونَصرُّ أن كرامةَ وطني لبنان ولا مالَ الدنيا.