في اليومين الماضيين، طرحت العديد من علامات الإستفهام حول أهداف تحرك رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، على خط الخلاف بين رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، لا سيما بعد حادثة قبرشمون التي كادت أن تهدد الإستقرار في منطقة الجبل.

في بعض الأوساط السياسية، حديث عن أن رئيس المجلس النيابي تحرك لدعم حليفه رئيس "الإشتراكي"، الذي يشعر بأن هناك محاولة سياسية لحصاره، لا سيما أنهما يعتبران من أركان إتفاق الطائف، بالإضافة إلى رئيس الحكومة، وبالتالي لديه مصلحة شخصية في الحفاظ على التحالف القديم بين "الإشتراكي" و"​حركة أمل​"، مقابل المعلومات عن ولادة توازن جديد في البلاد عنوانه التحالف بين "​حزب الله​" و"​التيار الوطني الحر​" و"المستقبل"، لكن في المقابل لدى أوساط مقربة من بري قراءة مختلفة لهذا الدور، عنوانها الحفاظ على الإستقرار الداخلي في ظلّ التهديدات التي تجتاح المنطقة.

في هذا السياق، تشير هذه الأوساط، عبر "النشرة"، إلى أن الهمّ الخارجي هو الذي يقلق رئيس المجلس النيابي، خصوصاً ​صفقة القرن​ وملف ​ترسيم الحدود​ الجنوبية، الأمر الذي دفعه للتحرك على مستوى ملف القوى الفلسطينية في ​لبنان​، لمنع الخلافات بينها من الإنتقال إلى الساحة المحلية، الأمر الذي نجح فيه إلى حد بعيد.

بالتزامن، تلفت الأوساط نفسها إلى أن بري سبق له التدخل على خط الخلاف بين "حزب الله" و"الإشتراكي"، على خلفيّة أزمة معمل الاسمنت في عين دارة، وهو ما أدّى إلى تهدئة بين الجانبين، بعد التصعيد الذي وصل إلى نفي جنبلاط لبنانيّة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، مع العلم أنّ هذا الملف لم يحلّ بشكل كامل، انما تم التوصل لانهاء الاشتباك الكلامي الاعلامي.

إنطلاقاً من ذلك، تقرأ هذه الأوساط تحرك رئيس المجلس النيابي مؤخراً على خط الخلاف بين "المختارة" و"بيت الوسط"، الذي كاد أن ينعكس على أداء مجلس الوزراء، وتؤكد أن هذا التحرك كان قد بدأ قبل الأحداث الأخيرة في الجبل، أي لا ربط بين الأمرين بأي شكل من الأشكال، على عكس ما يتم الترويج له.

في هذا الإطار، لا تنفي الأوساط المقربة من برّي دوره في الوساطة التي يقوم بها مدير عام الأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ في معالجة حادثة قبرشمون، حتى ولو لم يتم الإعلان عن ذلك بشكل واضح، وتشدد على أن الهدف الدائم هو التهدئة السياسية في هذه المرحلة الحساسة، لأن ذلك هو الذي يعزز موقف لبنان في كل الملفات الساخنة المطروحة.

من وجهة نظر هذه الأوساط، ما يميز الموقف اللبناني من صفقة القرن أو ترسيم الحدود الجنوبية هو أنه موحد بين مختلف الأفرقاء، وبالتالي لا يمكن لأي جهة الدخول على الخط للعب على التناقضات في هذا المجال، وتشدد على أن هذا الواقع هو الهدف السامي الذي يجب الحفاظ عليه بأي ثمن.

على هذا الصعيد، لا تلغي الأوساط نفسها فكرة أن يلعب رئيس المجلس النيابي دوراً على خط العلاقة بين "الإشتراكي" و"الوطني الحر"، خصوصاً أن العلاقة التي تجمعه بالأخير باتت إيجابية منذ الإنتهاء من إستحقاق الإنتخابات النيابية الأخيرة، ورغم كل المحاولات التي تحصل بين فترة وأخرى لضربها، وتشير إلى أن واقعها الجيد كان واضحاً في حديث وزير الماليّة ​علي حسن خليل​ عن الترحيب برئيس التيار الوزير ​جبران باسيل​ في النبطيّة، التي ستكون على موعد مع جولة قريبة له فيها.

في المحصّلة، هذه هي الأهداف الرئيسيّة لتدخّل رئيس المجلس النيابي على خطّ الخلاف بين الحريري وجنبلاط، الذي تؤكّد مصادر مطّلعة على اللقاء الأخير، تبديد شوائب المرحلة السابقة بين الجانبين، لكن هل ينجح في التدخل على خط "المختارة"-"ميرنا الشالوحي"؟.