تستمر الحادثة التي شهدتها بلدة ​قبرشمون​ بالتفاعل، تاركة تبعاتها على واقع الحياة السياسيّة ال​لبنان​ية. فبعيداً عن الجانب الأمني لهذه الحادثة، والذي لا يزال محلّ أخذ وردّ بين الأفرقاء اللبنانيين، برزت في الأيام الماضية لغة جديدة في الخطاب السياسي وهو إقفال بعض المناطق على أحزاب معيّنة، وتحذير البعض من زيارة هذه المناطق.

في هذا الإطار، لا يزال الاختلاف واضحاً بين الأحزاب في وجهات النظر حول الجانب الأمني لهذه الأحداث، بين فريق يعتبر أن وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​ تعرّض لمحاولة إغتيال، وفريق يعتبر أن المستهدف مما حصل هو وزير الخارجية ​جبران باسيل​ بعد التخطيط من قبل المعتدين لكمين له، وآخر يحمل الغريب نفسه ومن خلفه باسيل مسؤولية ما حصل. إلا أن الأبرز في كل ما جرى، هو ما رَسَت عليه الحياة السياسية بعد يوم الأحد الفائت.

من هنا، تطرح مصادر مطّلعة علامات استفهام حول التواجد الرسمي في تشييع الضحية رامي سليمان الذي سقط نهار الأحد الماضي، مشيرة إلى أن "هذا الحضور كان مقتصراً على رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" ​طلال ارسلان​ والوزير الغريب دون وجود أيّ تمثيل للتيّار "الوطني الحر" الذي يضم في كتلته النيابيّة عدداً من نواب الجبل"، مشيرة إلى أنه "لم نسمع أبداً اليوم أيّ أصوات مؤازرة لإرسلان حتّى من كتلته".

على صعيد آخر، تطرح المصادر نفسها تساؤلات عديدة حول السكوت الحاصل لدى الأحزاب المسيحيّة في ظل الهجمة الكبيرة والمبرمجة على رئيس أكبر تكتل مسيحي في لبنان جبران باسيل، مضيفة "ما يحصل مع باسيل يؤكد أن هناك من يحيك هجوماً مبرمجاً عليه".

وتلفت المصادر النظر إلى "وجود مشكلة حقيقيّة عند الأحزاب المسيحيّة، فإذا قارنّا طريقة تعامل دار الفتوى ووزراء الحكومة السابقين وكل السياسيين السنّة مع أيّ ما يعتبر مسًّا لموقع رئاسة الحكومة أو لشخص رئيس الحكومة، مع طريقة تعامل الأحزاب المسيحيّة والنواب المسيحيين مع الهجوم على باسيل، نجد أن الأحزاب المسيحيّة غير مهتمة بالهجوم الحاصل على رئيس أكبر كتلة مسيحيّة في مجلس النواب وخصوصًا بعض النوّاب الّذين هم أساسا تحت عباء التيّار الوطني الحرّ، وهذا خطير".

وتطرقت المصادر إلى موضوع زيارة باسيل المرتقبة إلى طرابلس، مستغربة من عدم سماع أصوات النائبين المسيحيين في طرابلس ​جان عبيد​ و​نقولا نحاس​، وعدم تضامنهما مع باسيل بغضّ النظر عن موقعهما او مواقفهما في ظل الهجمة التي يتعرض لها بسبب نيّته زيارة عاصمة الشمال، مضيفة "لماذا الخوف من هذا التضامن لا بل التنصّل من أيّ موقف؟ وهذا ما حصل مع عبيد بعد كلامه على مواقع التواصل الإجتماعي".

في السياق عينه، تسأل المصادر هل يعبّر "النائبان فعلاً عن إرادة المسيحيين في طرابلس، أم ان الانتخابات افرزتها إرادة الآخرين لا إرادة المسيحيين"؟، معتبرة أن "هذا الواقع لتوزيع المقاعد النيابية هو ارساء للقواعد التي وضعها السوريون إبّان وجودهم في لبنان عبر توزيع المقاعد على الدوائر الإنتخابية"، متسائلة "إن كان الجميع يتمسّك باتفاق الطائف، فلماذا لا يطبّق بنصّه الأساسي الذي أوجب أن يكون عدد النواب 108 بدل الـ128"؟.

تخفي الأيام المقبلة في طيّاتها الكثير من المفاجآت على الواقع السياسي في لبنان، خصوصاً بعدما أصبح باسيل تحت سهام رئيس "اللقاء الديمقراطي" ​وليد جنبلاط​، ومن خلفه ​تيار المستقبل​. فماذا ستحمل زيارة وزير الخارجية إلى طرابلس من جديد على هذا الصعيد؟.