لم تنجح الجهود السياسيّة المفتوحة في تحقيق مصالحة بين فريقين: رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ ورئيس الحزب الديمقراطي النائب ​طلال ارسلان​. ويقول مطّلعون إنّ رئيس المجلس النيابي ​نبيه برّي​ يبذل جهوداً كبيرة لتوحيد الصف الدرزي، بعدما حاز على تأييد الفريقين المتخاصمين، لكن ارسلان يصرّ على إحالة ملف ​قبرشمون​ الى المجلس العدلي، وهو المسألة الشائكة التي تقف في درب بري وتمنع تحقيق المصالحة بين الحزبين الدرزيين الأساسيين. ويرى المطّلعون ذاتهم أن موقف ارسلان أقوى نظراً للحالة الشعبية المتعاطفة مع "المير طلال"، لأن الجبل "دفع الثمن غالياً جرّاء التصرفات الإشتراكيّة في قطع الطرقات وتوتير الأجواء في توقيت حسّاس، فخفّت عزيمة المغتربين من المجيء لتمضية فصل الصيف في مناطق الجبل، وألغى عدد كبير من السوّاح حجوزاتهم في لبنان، وهرب آخرون الأسبوع الماضي من مناطق الجبل الى بيروت وكسروان".

بدأ الصراخ يتعالى في عاليه وبحمدون التي كان ينتظر اهاليها واصحاب المؤسسات السياحيّة والمطاعم إقداماً لافتاً في موسم الصيف، يعينهم على تحمّل مصاعبهم الإقتصاديّة في زمن الأزمة القائمة. يقول المطّلعون ايضاً أن "المواطنين يحمّلون القوى السياسية المسؤولية في إزدياد الأزمات المعيشية، وخصوصاً الذين اشعلوا الشارع، ونقلوا الخلاف من ميادين السياسة الى ساحات المناطق الجبليّة". لذلك يشعر خصوم جنبلاط أن "وليد بك" سيدفع شعبياً ثمن تلك الأزمة.

لكن يقول الخصوم أنفسهم أن جنبلاط مطالب ايضاً بوقف كل الإشكالات القائمة في الجبل، ولذلك يفرض "المير طلال" ملفّ عين دارة في أولويّة الجدول الذي سيعرض في المفاوضات: لن يرض الحزب الديمقراطي وحلفاؤه "أن يبقى ملف المجمّع الصناعي في جرود عين دارة مجمّداً، لأنّه أحد عناوين الخلافات القائمة مع جنبلاط". ويردّد المطّلعون على تفاصيل التفاوض أنّ ارسلان لا يريد ان تبقى النار موجودة في عين دارة، "مستنداً إلى القانون والتراخيص والأحكام القضائيّة المبرمة التي تفرض تنفيذ العمل، وتشغيل الفي عامل من اهالي الجبل، ورفد الإقتصاد بالأموال المجنيّة من المجمّع". لكن الأهم بالنسبة الى مناصري الحزب الديمقراطي هو "وأد الفتنة في منطقة حسّاسة، وسحب مسلّحين يحاصرون المجمّع، وتدخّل الجيش والقوى الأمنيّة لتطبيق القانون وتنفيذ الأحكام وضمان حسن سير العمل من دون فرض شروط ومصالح خاصة". ويرى المطّلعون أن ارسلان عازم على إيجاد حلّ لهذه المشكلة، إستنادا الى القانون لمنع الفتنة او حصول إشكالات دمويّة، لأن المعطيات تفيد "أن حادثة قبرشمون قد تتكرّر في عين دارة، في حال لم يتراجع جنبلاط عن شروطه، أو إذا بقي المسلحون يحاصرون المجمع".

وعلمت "​النشرة​" أن رسائل أُعدّت ستصل الى رؤساء الجمهوريّة والمجلس النيابي ومجلس الوزراء ووزراء وقائد الجيش تضعهم في تفاصيل ما يجري في عين دارة وتطالبهم بتحمّل المسؤولية خشية من تدهور الأوضاع، بالتزامن مع طلب ارسلان ضمّ ملفّ عين دارة الى جدول أعمال التفاوض الدائر. لكن المعلومات تفيد ان "​التيار الوطني الحر​ مربك، نتيجة تباين حاصل بين قيادات سياسيّة فيه بشأن طريقة التعامل مع ملفّ جرود عين دارة". وتتحدث المعلومات أيضاً أن الرأي الأساسي في الوطني الحر الذي يحظى ايضاً بدفع حليفيه "​حزب الله​" و"الديمقراطي"، هو عدم ترك ملف عين دارة "رهينة في يد جنبلاط، وضرورة ان تتحمّل الدولة مسؤولياتها، على قاعدة عدم جواز ما يحصل هناك، والتلطّي خلف بلدية عين دارة". وتقول اوساط اصحاب هذا الرأي أنّ "أحد محامي جنبلاط هو من يوجّه البلدية ويتحكّم بقرارتها إزاء ملف المجمع الصناعي في جرود عين دارة". بينما يرى اصحاب الرأي الآخر "أن عنوان البيئة الذي يرفعه جنبلاط في الشكل يدغدغ المواطنين هناك"، مما يوحي بحسابات انتخابية تتحكّم بموقف نواب في التيار الوطني الحر، علماً أن حزب "القوات" تدخّل على خط الأزمة لدعم موقف جنبلاط والتشويش على المجمّع تحت حجة "انه "قاعدة لحزب الله".

وعلى هذا الأساس، يفرض الملف نفسه عنواناً أساسياً، لأن بقاء أزمته قائمة تُبقي الخلافات موجودة والنار مشتعلة. لذلك يريد ارسلان بت الامر وعدم تأجيل الحل.