أخطر من تعطيل ​الحكومة​ بسبب عدم إحالة ملف أحداث الجبل على ​المجلس العدلي​، وأخطر من التحقيقات مع بعض القضاة والسماسرة، وأخطر من حادثة البساتين ومن زيارة رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ لهذه المنطقة أو تلك، وأخطر من الموازنة التي لم تبصر النور بعد ومن وضعنا الاقتصادي الدقيق، أخطر من كل تقدم هي أزمة النفايات التي تنتظر اللبنانيين لا سيما أهالي كسروان والمتن وبيروت مع نهاية شهر آب المقبل.

في ٢٦ حزيران الماضي أعلنت ​وزارة البيئة​ في بيان أن رئيس مجلس الانماء والاعمار ​نبيل الجسر​ أفادها بأن القدرة الاستيعابية لمطمر الجديدة هي حوالى 82000 طن من النفايات، ومن المتوقع أن يتم استنفاد هذه الكمية مع نهاية شهر آب 2019. بيان كان من المفترض أن ينزل نزول الصاعقة على الوزراء والنواب والشعب في آن معاً، كونه يشكل الإعلان غير المباشر عن عودة القُمامة الى الشارع، وإذا كان هناك من قرار بديهي يجب أن يتّخذ فهو إعلان حالة طوارئ في البلد لإيجاد حل لهذه الكارثة ومنع وقوعها. أما في الواقع، فلم يحرك أحد ساكناً ولم يتعاطَ أحد مع الموضوع على إعتبار أنه الأخطر.

لماذا الأخطر؟ لأنّ متعهد مطمر برج حمود-الجديدة اي شركة داني خوري تؤكد أنها وفي حال دخول حالة الطوارئ، وفي حال إتحذت الحكومة القرار اليوم بتوسعة المطمر، تحتاج أعمال التوسعة لشهرين ليصبح المكان جاهزاً، وبالتالي حتى لو قررت الحكومة اليوم توسعة مطمر الجديدة لم يعد لديها الوقت الكافي للتوسعة قبل أن تغرق الشوارع بالنفايات والقمامة والأمراض.

قبل حادثة البساتين التي أدّت الي سقوط قتيلين من الحزب الديمقراطي أثناء إطلاق النار من قبل إشتراكيين، تفيد المعلومات بأنّ وزارة البيئة كانت تعمل في الكواليس على إعادة فتح مطمر الناعمه الذي يحوي على خليّتين صحّيتين قادرين على إستيعاب النفايات ولمدة عشر سنوات.

اليوم وبعد حادثة البساتين وما خلّفته من توتّر بين التيار الوطني الحر والحزب الإشتراكي، أصبح الوضع بحسب المصادر المتابعة على الشكل التالي، إذا كان هناك إحتمال بنسبة ألف بالمئة بأن يقبل رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ النائب السابق ​وليد جنبلاط​ بإعادة فتح مطمر الناعمة، فلم تعد حتى نسبة الواحد بالألف هذه قائمة بسبب التوتر السياسي الذي حصل بين الفريقين.

منذ الأسبوع الأول من حزيران الفائت تقدّم الوزير جريصاتي إلى مجلس الوزراء بإستراتيجيّة الوزارة لحلّ الموضوع لكنها لم تدرج بعد على جدول الأعمال ولم تُناقش على الطاولة الوزاريّة. هي ذروة الإستخفاف بعقول وبيئة وصحة المواطنين. وكأنّ بعض السياسيين إما انه يريد حرق وزير البيئة الجديد ​فادي جريصاتي​ بإعادة النفايات الى الشوارع، وإما يريد ضرب العهد الرئاسي بأزمة لا تزال تداعيات النسخة الأولى منها قائمة حتى اليوم.

إذاً لا توسعة قريبة لمطمر الجديدة، ومطمر الناعمه لن يفتح من جديد، ولا معامل التفكك الحراري أو المحارق "ماشية"، الأمر الوحيد الّذي سيعود هو مشاهد النفايات في الشوارع وتصبحون على وطن!.