المشهد سوريالي بامتياز ويحمل في طياته مفارقات ​السياسة​ ال​لبنان​ية بكل ما تحمله من تناقضات غير مفهومة أحيانًا:

مجلس الوزراء​ لا يجتمع، للأسبوع الثاني على التوالي، لكن ​الحكومة​ ستلتقي تحت قبة البرلمان أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس المقبلة، لمتابعة أيام الجلسة النيابية العامة لمناقشة ​الموازنة​ تمهيدًا للمصادقة عليها وإصدارها بقانون.

هنا المفارقة: كيف يلتقي الوزراء تحت قبة البرلمان ولا يلتقون حول طاولة مجلس الوزراء سواء في ​السرايا الحكومية​ أو في ​قصر بعبدا​؟ وحتى لو التقوا تحت قبة البرلمان، كيف سينسقون مع بعضهم فيما هُم لا يتشاورون مع بعضهم كسلطة تنفيذية؟

أليس لبنان بلدَ المفارقات؟

***

مع ذلك، وعلى رغم هذا التفكك فإن وزيرًا سيسطع نجمه في "الثلاثية النيابية" هو وزير ​المال​ ​علي حسن خليل​ لأنه بات يحفظ صفحات الموازنة الـ 1234 عن ظهر قلب، فهي تعيش معه منذ أعدَّها منذ تسعة أشهر وقدَّمها في الوقت المناسب إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ولم يكن التأخير منه في وضعها على جدول أعمال مجلس الوزراء، فهو قام بما عليه أن يقوم به، و"أدى قسطه للعلى"، ولو كانت الأمور عائدة إليه، لكانت الموازنة صدرت في موعدها الدستوري أي في 31 كانون الأول 2018، لكن علي حسن خليل ليس وحده السلطة التنفيذية بل هو وزير من ثلاثين وزيرًا، وإنْ كان الوزير المتقدِّم بين زملائه في مجال الموازنة.

***

ومن مفارقات السياسة اللبنانية أنه فيما "السلطة التنفيذية" معطَّلة، والنيران تشتعل فيها من كل جانب، مهدِّدة بالتهام الأخضر واليابس من ملفات، يجيء دور

"إطفائي" الأمن و​الإرهاب​ والسياسة والديبلوماسية والرهائن وحتى ملف التعيينات.

ومن دقائق الأمور في تاريخ السياسة اللبنانية والعهود القول انه لم يمر في أي عهدٍ من العهود السابقة رجلٌ يحمل كل هذه "البطيخات":

وُجِد رجال يحملون الملف الأمني دون الملف الإداري.

ووُجِد اشخاص يحملون الملف الإقتصادي والمعيشي دون الملف السياسي.

ووُجِد اشخاص حملوا ملف ​تشكيل الحكومة​ دون غيرها. وحدَه ​اللواء عباس ابراهيم​، المدير العام للأمن العام، أظهر قدرة فائقة في حمل كل هذه الملفات دفعةً واحدة وعالجها ويعالجها تباعًا.

***

وفي ظل المعمعة الداخلية، تطل ​العقوبات الأميركية​ مجددًا، ويأتي هذا التطور قبل اسبوع من توجُّه وزير الخارجية ​جبران باسيل​ إلى ​واشنطن​ في 16 و17 تموز الجاري للمشاركة في المؤتمر السنوي للحريات الدينية والذي تستضيفه ​الخارجية الاميركية​. أهمية هذه الزيارة في توقيتها وفي برنامج اللقاءات الذي سيُجريه الوزير باسيل مع المسؤولين الأميركيين.

في العاصمة الاميركية سيكون المشهد مغايرًا عما هو عليه في لبنان، في "عاصمة القرار" ، كما يحلو للبعض أن يسميها، "الصغائر والأمور الصغيرة" لن تكون مدرجة على جدول أعمال اللقاءات.

***

إنه اسبوع مفصلي، الاسبوع المقبل:

ثلاثية جلسات في ​ساحة النجمة​.

ومجموعة لقاءات لرئيس الديبلوماسية اللبنانية في واشنطن.

وحملة جديدة "للإطفائي" لمكافحة حرائق الملفات اللبنانية.

فأيُّ الملفاتِ سيتقدم؟

وأيُّ الملفاتِ سيراوحُ مكانَه؟