بين "النظري" و"العملي"، هناك فروقات شاسعة وواسعة حتى في القضايا الاكاديمية، فكيف بالقضايا العملية والسياسية.

فحتى في سنوات الدراسة الجامعية، هناك مواد نظرية وأعمال تطبيقية، وغالبًا حين يصل الطالب إلى "الأعمال التطبيقية" يجد نفسه في مرحلةٍ مختلفة كليًا عمَّا هو الوضع في الدروس النظرية.

وما ينطبق في الجامعة، ينطبق في الحياة العامة ولا سيما السياسية منها.

***

لماذا هذه المقدِّمة؟

لأنه في الوقت الذي يبدأ فيه ​مجلس النواب​ مناقشة ​الموازنة​ العامة للعام 2019، بدأ يُطلَب من الوزارات إيداع ​وزارة المال​ موازناتها للعام 2020 تمهيدًا لإعداد الموازنة العامة للعام 2020 لرفعها إلى الأمانة العامة ل​مجلس الوزراء​ ووضعها على جدول اعمال مجلس الوزراء لأقرارها ثم أحالتها إلى مجلس النواب ليبدأ بدرسها مع بدء ​الدورة​ العادية لمجلس النواب اعتبارًا من منتصف تشرين الاول المقبل، على ان ينجزها لتصدر بقانون قبل آخر هذه ​السنة​. هذا هو الفارق بين النظري والعملي:

النظري هو ما قرأنا في المقطع الذي سبق، العملي هو أن الحديث عن موازنة 2020 هو "تَرَفٌ سياسي" فيما موازنة 2019 لم تُناقَش بعد ولم تصدر في قانون، والمرجَّح ان يتم ذلك هذا الأسبوع، أي في الأسبوع الثالث من تموز، أي بتأخير ستة أشهر وثلاثة أسابيع عن الموعد الدستوري لأقرار الموازنة.

***

حين يغرق ​لبنان​ بين "النظري والعملي"، لا يكون الوضع على ما يُرام، فحتى في ​السياسة​ هناك نظري وعملي: النظري هو الوعود، والعملي هو ما تحقق ويتحقق منها.

واعتبارًا من يوم غد، سيبدأ الفرز العملي بين ما هو نظري وما هو عملي من خلال الثلاثية التي ستبدأ في مجلس النواب لمناقشة الموازنة:

النظري هو ان الموازنة ستمر من خلال الأرقام التي توصلت إليها ​لجنة المال والموازنة​، أما العملي فهو السجال الذي سيندلع على خلفية الـ 2 في المئة على البضائع المستوردة والتي تنقسم حولها الآراء.

***

لكن في مقابل الموازنة، هناك التوازن في الحركة السياسية والديبلوماسية:

رئيس ​التيار الوطني الحر​ ورئيس تكتل ​لبنان القوي​ الوزير والنائب ​جبران باسيل​ سيكون في ​واشنطن​ مطلع هذا الأسبوع للمشاركة في ​مؤتمر​ عن حوار الاديان دعا إليه وزير الخارجية الأميركي ​مايك بومبيو​.

من غير المستبعد أن يُعقَد لقاء ثنائي بين باسيل وبومبيو على هامش المؤتمر، وإذا حصل اللقاء ستكون مناسبة لتأكيد موقف لبنان من العقوبات.

وعشية المحطة الأميركية للديبلوماسية اللبنانية، كانت هناك جولة للوزير باسيل، وكانت ذكية جدًا، بداية الجولة من عند المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ في بلدته كوثرية السيَّاد. هذه المحطة هي إشارة إلى جميع مَن يعنيهم الأمر ان الوزير باسيل يؤيد دور "الإطفائي" الذي يقوم به اللواء ابراهيم.

تبقى المحطة الأهم في واشنطن، وما يمكن أن يعود به رئيس الديبلوماسية اللبنانية.