في الوقت الذي كان الجميع ينتظر ما سيصدر عن إجتماع رؤساء الحكومات السابقين ​فؤاد السنيورة​ و​نجيب ميقاتي​ و​تمام سلام​ مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، لا سيما أن اللقاء وضع في سياق التضامن مع الحريري، في ظل الخلاف حول إحالة حادثة ​قبرشمون​ إلى ​المجلس العدلي​، الذي أدّى إلى عرقلة إجتماع ​مجلس الوزراء​، برز ما يشبه "إستدعاء" رؤساء الحكومات السابقين إلى العاصمة السعودية الرياض.

وصف "الإستدعاء" يعود إلى أن هؤلاء لم يكونوا على علم بالشخصيات التي سيجتمعون بها في الرياض، بحسب ما أكد السنيورة، بالرغم من الإشارات بأن هدفها هو التواصل واستعراض الأوضاع في لبنان والمنطقة، والتشديد على أهمية العلاقات بين البلدين، في حين سيؤكّد رؤساء الحكومات السابقين على موقف بيروت الداعم لاسرتها العربية، وعلى الحضور السعودي في لبنان.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى تشديد رؤساء الحكومات السابقين، في ما نقل عنهم من تصريحات من الرياض، على ضرورة العودة إلى ​إتفاق الطائف​، في مؤشّر إلى أن هؤلاء يعتبرون أن هناك تجاوزاً لهذا الإتفاق يحصل بالممارسة، وبالتأكيد المقصود هنا هو "​التيار الوطني الحر​" أو رئيسه وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، بالرغم من تشديد الأخير، في أكثر من مناسبة، على أن وزراء تكتل "​لبنان القوي​" سيحضرون أي جلسة حكومية يدعو إليها الحريري.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا "الإستدعاء" قد يكون رسالة سلبيّة إلى رئيس الحكومة من السعوديّة، نظراً إلى أن الحريري هو من يمثّل الطائفة السنّية في الموقع الأول المخصّص لها في ​النظام اللبناني​، في حين أن لا صفة رسمية لرؤساء الحكومات السابقين في الوقت الراهن، وبالتالي من المفترض أن يكون التنسيق معه مباشرة، لا الذهاب إلى التواصل مع شخصيات أخرى من المعروف أنها ضد التسوية الرئاسيّة التي حصلت بين "​تيار المستقبل​" و"التيار الوطني الحر".

وفي حين تشدّد هذه المصادر على ضرورة إنتظار ما سيحمله رؤساء الحكومات السابقين معهم من الرياض، حيث من المتوقع أن يلتقوا رئيس الحكومة بعد عودتهم، ترى أن الأساس هو وجود مؤشّر بأن الرياض غير راضية عن المسار الذي تسلكه الحياة السّياسية اللبنانيّة، وبالتالي هي قد لا تكون في موقع "الرضا" عن الحريري، الذي يُصرّ بشكل دائم على التمسّك بالتسوية القائمة مع "التيار الوطني الحر".

في هذا السياق، أفادت مصادر سياسية أخرى، عبر "النشرة"، بأن زيارة رؤساء الحكومات السابقين كانت مقررة مسبقاً، حيث هناك دعوة وجهت إلى كل من ميقاتي والسنيورة وسلام في هذا الإطار، وتشير إلى أنها تعبر عن رغبة سعوديّة بالعودة إلى المشهد السياسي اللبناني، بعد أن كانت قد قررت التراجع طوال الفترة السابقة، خصوصاً بعد الأزمة التي رافقت إستقالة الحريري من الرياض، والتي حملت مؤشّرات إجباره على القيام بهذه الخطوة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الرياض كانت قد قدّمت أكثر من إشارة على هذا الصعيد، وتتوقّع أن تلي دعوة رؤساء الحكومة السابقين إلى الإجتماع مع المسؤولين السعوديين زيارات لشخصيّات أخرى، في تكرار لما حصل قبل ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، عندما وجهت الدعوات إلى بعض حلفائها في لبنان، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول أسباب هذه العودة، وتؤكّد أن المقصود منها ليس توجيه رسالة إلى الحريري، على إعتبار أن رؤساء الحكومات السابقين اجتمعوا معه قبل توجههم إلى الرياض، كما أنهم يؤكّدون بشكل دائم على دعمه.

في المحصّلة، ترى الرياض اليوم أن لديها مصلحة في العودة إلى المشهد السياسي اللبناني، من بوّابة الحفاظ على إتّفاق الطائف وصلاحيات رئيس الحكومة، لكن بعض حلفائها يطرحون الأسئلة عما إذا كانت هذه العودة تأخرت كثيراً.