إختتم المجلس الوطني للبحوث العلمية مشروع "تكنولوجيا الـCubesat: نحو تطوير أول قمر صناعي ​لبنان​ي من فئة Nano satellite"، وهي واحدة من أهم محاور "الفضاء الجديد" المعتمدة في العديد من الدول النامية، للمساهمة عبر الأقمار الصناعية بتوفير خدمات مميّزة لتطوير عمل المؤسسات الحكومية والخاصة بالإعتماد على الإمكانيات التقنية التي توفرها علوم الفضاء.

يهدف المشروع المموّل من ​الإتحاد الأوروبي​ الى تطوير برنامج الفضاء اللبناني، وقد أقيم على مدى 50 يوما وشارك فيه باحثون وطلاب لبنانيون من 12 جامعة لبنانية، بإشراف خبراء دوليين من بينهم رئيس قسم الملاحة الفضائية في أكاديمية القوات الجوية الأميركية المتقاعد مارتي فرانس، نائب قسم المختبرات والبحوث في مجال الملاحة الفضائية في أكاديمية القوات الجوية الأميركية بيتر فان ويرت، مدير مختبر أبحاث وتصميم أنظمة الفضاء في جامعة إسطنبول التركية وآخرين.

شمل البرنامج، التدريب على نموذج هندسي متطور يحاكي القمر الصناعي من فئة الـNano satellite، التدريب على برامج الكمبيوتر الخاصة المستخدمة عالميا لدراسة أي مهمة فضائية يقوم بها القمر الصناعي وتحليلها، التدريب على تركيب محطّة إتصالات أرضيّة مع الأقمار الصناعية من فئة الـ Nano satellite الموجودة على إرتفاع 400 الى 900 كم، والعمل على تشغيل هذه المحطة من قبل الباحثين والطلاب اللبنانيين.

مؤهلات كبيرة

في حديث مع "​النشرة​"، أوضح رئيس قسم الملاحة الفضائية في أكاديمية القوات الجوية الأميركيّة مارتي فرانس أنه "تم إختيارنا من قبل الجهات اللبنانيّة المعنيّة، بسبب عملنا على تأمين برامج الفضاء حول العالم والخبرات التي نتمتع بها"، مؤكدا أن "الباحثين والطلاّب الذين تعاملنا معهم لديهم مؤهّلات كبيرة خصوصا أنهم خبراء في مجالاتهم ولا نحتاج لتعليمهم الكثير".

ولفت الى أن "ما قمنا به هو تدريبهم وتوجيههم وتعليمهم على إستخدام الخبرات التي يمتلكونها"، مشددا على أن "في لبنان هناك الخبرات المطلوبة لبرنامج الفضاء، وما يحتاج اليه هو الإرداة والدعم والتمويل من قبل الجهات المعنيّة".

بدوره، أشار الخبير في الأبحاث والهندسات في شركة Crown Agents UK، وهي إحدى الشركات المموّلة للمشروع، لؤي عبدالله، عبر "النشرة" الى "برنامج الدعم التقني للحكومة اللبنانيّة هو برنامج موجّه لإدارات الدولة لتنمية هذه الإدارت ومحاربة الفساد والمكننة، وفي هذا السياق المجلس الوطني للبحوث العلمية لديه إهتمام بالمجال الفضائي فطلب من الإتحاد الأوروبي دعم هذا البرنامج خصوصا أن تقنية الـ Nano satelliteمنتشرة في عدة دول نامية وتكلفته قليلة، ونحن في لبنان لدينا تطبيقات بحاجة الى هذه التقنيّة مثل إدارة تلوث المياه والهواء، تصحّر الغابات، إدارة الكوارث ومراقبة الإنتاج الزراعي، وهذه التقنيّة تساعد على إكتشاف كافة هذه الأمور بطرق فعّالة، بدل شراء الصور الجويّة، نقوم نحن بتطوير تقنيّة خاصة بنا"، مؤكدا أن "هذه التقنية ليست ترفا علميا، بل نحتاج إليها، لذلك قبل الإنتقال الى المرحلة الثانية من المشروع، نحتاج الى ان نقنع الممولين بحاجتنا للـ Nano satellite".

من جهته، مدير المركز الوطني للإستشعار عن بعد غالب فاعور، لفت في حديث لـ"النشرة"، الى أن "من مهمّات المركز الرئيسيّة تطوير البحث العلمي في مجال إستخدام علوم الفضاء في إدارة الموارد الطبيعيّة"، مشيرا الى "أننا في الفترة السابقة كنا نستخدم المعلومات التي نحصل عليها من الأقمار الصناعيّة الدوليّة، وكنا نواجه بعض المشاكل والصعوبات للحصول على المعلومات لأنها محصورة وتكنولوجيا معقدة"، مؤكدا أنه "لدينا مجالا لإطلاق الـ Nano satellite، الخاص بنا بكلفة قليلة وبنفس القدرات. ولذلك من خلال هذا المشروع، عملنا على نقل تكنولوجيا الفضاء الى الجامعات وتعزيز الكفاءات لدى الشباب اللبناني، ما يسمح لنا بالحصول على برنامج فضائي لإطلاق أول قمر صناعي لبناني، وبذك نحصل على إستقلاليّة تأمين المعلومات التي نحتاجها في كافة القطاعات".

تعزيز الكفاءات الوطنية

وفي الجلسة الختاميّة للمشروع، تحدّث الخبراء الدوليّون عن المهارات والإمكانيّات التي يتمتع بها الشباب اللبناني، معتبرين أن التحدي الأكبر أمامهم هو تمتعهم بالإرادة لإستكمال بناء المشروع ليكون ناجحًا على المدى الطويل، خصوصا أن "Lebanese National Space Comity"، ستؤمّن إستمراريته.

أما مدير المجلس الوطني للبحوث العلمية ​معين حمزة​، فشدد في كلمته على أن "المجلس يهدف الى تعزيز الكفاءات الوطنية للشباب في المجال التكنولوجي وتطويرها، ويسعى الى توفير فرص عمل وخلق بيئة حاضنة وتنافسية لتعزيز الإقتصاد المعرفي في لبنان"، مشيرا الى "أننا على قناعة تامة بأهمية هذا التوجه العلمي المتقدم، وسوف نبادر مع الشركاء في لبنان لضمان إستدامة هذا البرنامج من خلال تشكيل اللجنة الوطنية لعلوم الفضاء، وسيكون على عاتقها إعداد خارطة الطريق لإطلاق أول قمر صناعي لبناني من فئة الـ Nano satellite".

وأكد ممثل سفيرة الإتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لانسن، رين نيلاند، أن "الأبحاث في مجال الفضاء تخلق فرص عمل جديدة وتساعد على دعم الإقتصاد"، لافتا الى أن "الإستثمار في الأبحاث هو إستثمار في المستقبل".

من جهتها، ممثلة رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ​مي شدياق​، أعلنت "أننا كوزارة لن نتوانى عن دعم كل المبادرات التي ستساهم في دعم الإدارات لو مهما إختلف دورها ونطاق عملها"، معربة عن ثقتها بأن الحريري "أيضا داعم لأيّ مبادرة فريدة ستساهم في تطوير الإدارة اللبنانية من جهة، والإستفادة من الطاقات العلمية لدفع لبنان نحو الأفضل".

وأكدت شدياق أنه "حان الوقت كي نسعى للتطوير بدل التعطيل. لندع الحكومة تعمل وتنتج بدل تسجيل نقاط لا تقدّم ولا تؤخّر. لنعطي فرصة ولو أخيرة لوطننا لإنقاذه من المسار السلبي الذي وصلنا إليه".

​​​​​​​

​​​​​​​

​​​​​​​

​​​​​​​

​​​​​​​

​​​​​​​