لا يبدو أن "التوافق" الذي تم الحديث عنه عن إحالة ملف حادثة ​قبرشمون​ إلى ​المحكمة العسكرية​، بعد الخلاف بين "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" و"​الحزب الديمقراطي اللبناني​"، سيقود إلى المعالجة السياسية لهذا الملف، لا سيما أن كل فريق لا يزال على مواقفه وهواجسه حتى الساعة، لا بل أن الأمور مرشحة للتصعيد في أي وقت.

هذا الواقع تدلّ عليه الأجواء التي كانت سائدة في صفوف الحزبين، في الساعات الماضية، حيث كان "الديمقراطي" يصرّ بأنه لا يزال على موقفه، لناحية ضرورة إحالة الملف على المجلس العدلي من قبل مجلس الوزراء، في حين كان "الإشتراكي" يعرب عن مخاوفه من أن يكون البعض يريد إستغلال التحويل إلى العسكرية، للعودة إلى سلوك الطريق نحو المجلس العدلي من جديد.

في هذا السياق، توضح مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن الإحالة إلى المجلس العدلي في أيّ جريمة تنطلق من التوصيف السياسي لها، نظراً إلى أنها تتخذ بقرار من مجلس الوزراء وليس من أيّ مرجعية أخرى، وبالتالي في حال عدم التوافق على هذا التوصيف لا يمكن أن تحال حادثة قبرشمون إلى هذا المجلس، مهما كانت الوقائع الفعلية التي سيظهرها التحقيق، سواء كانت مؤيدة لتلك التي تتحدّث عن محاولة إغتيال لوزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​، أو لتلك التي تتحدث عن إطلاق نار حصل من قبل عناصر موكبه في البداية.

وتشير هذه المصادر إلى أنه حتى الساعة هذا هو أصل الخلاف بين مختلف الأفرقاء السياسيين، حيث الإنقسام واضح بين القوى الممثلة على طاولة مجلس الوزراء لا يزال قائماً، وترى أن "مخرج" الإحالة على المحكمة العسكرية الهدف الأساسي منه عودة مجلس الوزراء إلى الإجتماع من جديد، بالنظر إلى الملفّات الداهمة التي تتطلب إتخاذ قرارات من المحكمة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن هناك شبه توافق بين القوى الأساسية على هذا "المخرج"، لا سيما بين "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل"، خصوصاً أن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية ​سليم جريصاتي​ كان من أبرز العاملين عليه، لكنها في المقابل توضح أن رئيس "الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال أرسلان​ لا يزال على موقفه، لناحية ضرورة عرض المسألة على مجلس الوزراء للبت بها.

إنطلاقاً من هذا الواقع، تعتبر المصادر السياسية المطلعة أن ما حصل، في اليومين الماضيين، قد يعيد مجلس الوزراء إلى الإجتماع من جديد، في ظل إصرار رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ على عقد جلسة هذا الإسبوع، لكنها تؤكد بالمقابل أنه لم يحل المشكلة الأساس في الجبل، خصوصاً على الساحة الدرزيّة، التي تشهد منذ الإنتخابات النيابية الأخيرة حالة من التوتر الدائم، لا سيما مع رفع رئيس "الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ شعار "مواجهة الحصار"، الذي يعتبر أن هناك العديد من الجهات المحلية والإقليمية التي تقف خلفه.

وترى المصادر نفسها أن هذا الأمر يعني أن السجال بين الفريقين الأساسيين، أي "الديمقراطي" و"الإشتراكي"، لن يتوقف في وقت قريب، بعد أن كان الرهان قبل حادثة قبرشمون على مبادرة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ لمعالجة حادثة الشويفات، وتضيف: "في الأصل أي معالجة لأحداث من هذا النوع من المفترض أن تكون سياسية بالدرجة الأولى".

في المحصّلة، تلفت هذه المصادر إلى أن الرهان الأساسي على هذا الصعيد، هو على الدور الذي من الممكن أن يقوم به رئيس الجمهورية، لا سيما بعد أن كان حدّد 3 مسارات لمعالجة هذه الحادثة: سياسي وأمني وقضائي.