ركّز وزير المال ​علي حسن خليل​، خلال تشخيصه حقيقة ​الوضع الاقتصادي​ والمالي في ​لبنان​، على أنّ "الصورة ليست ورديّة كما يتمنّاها كلّ اللبنانيين، لكنّها في الوقت نفسه ليست قاتمة أو ميؤوسًا منها. فلدينا الإمكانات والقدرات للانتقال بهذه الصورة، في فترة زمنية قصيرة، إلى واحة الإنفراج والانتعاش". ولفت إلى أنّ "هذه ​الموازنة​ لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتاج نقاش طويل مع القوى السياسية والكتل النيابية كافّة، وقُدّمت في موعدها الدستوري أي قبل نهاية شهر آب 2018، لكن الظروف السياسيّة الّتي مرّت بها البلاد وأخّرت ​تشكيل الحكومة​، أدّت إلى تأجيل النقاش فيها، ما أفقدها جدواها".

وأوضح في حديث صحافي، أنّ "لذلك، اتّخذت إجراءً، رغم بعض الملاحظات الدستورية عليه، يقضي بمنع الانفاق ومنع عقد النفقات في الوزارات المختلفة حتّى لا يصبح نقاش الموازنة غير ذي جدوى وغير ذي معنى، فلو تمّ نقاش الموازنة وكان الإنفاق قائمًا بطريقة عادية، لكنّا أمام موازنة أُنفق معظمها، وبالتالي لا جدوى فيها ولا في أي نقاش حول تخفيض الإنفاق". وبيّن "أنّنا نستطيع أن نقول بكلّ صراحة، إنّنا اليوم أمام موازنة ابتعدت كلّ البعد عن التِهم الّتي أُلصقت بها، من تخفيض للرواتب والأجور، ومن فرض ضرائب جديدة، ومن استهداف للأجهزة العسكرية والجيش والمتقاعدين؛ بل على العكس من ذلك تبيّن أنّ كلّ هذه الإجراءات لم تقترحها أصلًا ​وزارة المال​ية، وبالتالي لم يحصل ذلك ولم تصدُق أي من تلك التهم".

وأعرب خليل عن اعتقاده "أنّنا اليوم أنجزنا الأرقام، وتأكّدنا أنّنا أمام عجز مقبول مقتنعين به كوزارة مالية، يلبّي المتطلبات والأهداف المرسومة مع المؤسسات الدولية والهيئات المانحة، ويفتح المجال لبدء معالجة ​الوضع المالي​"، منوّهًا إلى "أنّنا أرسينا في هذه الموازنة مسارًا لتخفيض العجز، بصرف النظر عن قيمته. وأرسينا قدرة الدولة على ضبط الإنفاق والحدّ منه، تحديدًا الإنفاق غير المجدي". وأشار إلى "أنّنا بدأنا الخطوات الّتي تصيب كّل المكامن الّتي تشكّل خللاً في تركيبة هذه الموازنة، وأبرزها تخفيض عجز ​الكهرباء​ بنسبة محدودة، لكنّه جزء من مسار سيتوسّع عام 2020 ليصل إلى صفر عام 2021، لأنّ عجز الكهرباء ما زال الثغرة، أو بمعنى أدق الثقب الأكبر في هذه الموازنة، كونه يصل إلى حدود 32% من مجمل العجز، صحيح أنّ قيمته 11% من حجم الموازنة، لكنّه كعجز يصل إلى 32%؛ وكلّ المؤسسات الدولية الّتي نتواصل معها ترى أنّنا إذا لم نصل إلى مرحلة ننهي فيها عجز الكهرباء فلن نتمكن من تصحيح مسارنا".

وذكر أنّ "إضافة الى الكهرباء، بدأنا التصويب على الأماكن المنتفخة في الإدارة، والرواتب غير المشروعة الّتي تتفاقم نتيجة تعويضات وإضافات ليست مبرّرة، مكّنت جزءًا من الجسم الوظيفي العام في الدولة من الاستفادة على حساب ذوي الشرائح الوسطى والدنيا"، مفيدًا بأنّ "في موازاة كلّ ذلك، وضعت الموازنة قاعدة لإعادة البناء الوظيفي الشامل في البلاد، والمسح الشامل يجعلنا ننتقل إلى مرحلة الدولة الأكثر حداثة والأكثر قدرة على مواكبة التطوّر والاعتماد على الوسائل العلمية في الإدارة، كي تهيئ الدولة نفسها لمرحلة الحكومة الإلكترونيّة، فالدول المحيطة خطت خطوات جدّية لبدء الحكومة الإلكترونيّة، ونحن لا نزال نتعثّر في هذه الخطوات. اليوم نحن في هذا التوجّه والعمل الجدّي قد بدأ".

كما أكّد أنّ "موازنة عام 2019 لا تعبّر عن طموحنا، لكنها تعبّر عن قناعة واقعيّة بأنّنا خطونا خطوة نحو الإصلاح الحقيقي، تضعنا على مسار تصحيح الوضع المالي والدولة ومؤسساتها، وفتحت الباب أمام معالجة الثغرات الكبيرة في واقعنا الاقتصادي، المتمثّل بمشهد بسيط هو العجز الهائل في الميزان التجاري، إذ انّنا نستورد بقيمة 20 مليارًا ونصدّر فقط بقيمة 3 مليارات و300 مليون دولار في أحسن الأحوال"، لافتًا إلى أنّ "لذلك، تراجع ميزان المدفوعات إلى حدّ كبير وارتفع عجزه، وهذا يشكّل ضغطًا على استقرارنا النقدي من جهة، وعلى وضع ​المالية العامة​ من جهة أخرى؛ وبناءً على كل ذلك صار بإمكاننا الانتقال إلى واقع أسلم عام 2020".

وعن اعتبار البعض أنّ موازنة 2019 رقميّة وتفتقد الى الرؤية الاقتصاديّة، شدّد خليل على "أنّني لا أؤيّد هذه النظرية، لأنّ الموازنة لا يمكنها أن تختصر كلّ سياسات الدولة، الرؤية الاقتصادية تتطلّب من الحكومة في أولى جلساتها أن تضع الدراسة الّتي أعدّتها "ماكينزي" على طاولة البحث في مجلس الوزراء، لنناقش خطة الاصلاح الاقتصادي الّتي تستوجب تحديد نظرة الدولة الاقتصادية، هل نريد أن تكون دولة استهلاكية فقط، أم نريدها إنتاجيّة؟".

وبيّن أنّ "الجميع تحدّث في جلسات الموازنة عن رؤية اقتصادية، لكنّ أساس الموازنة أن تعكس واردات الدولة ونفقاتها ونظرتها للقطاعات المختلفة وكيفيّة إدارتها. ولكن في الواقع حين تكون أرقام موازنتنا موزّعة على 35% رواتب، و35% خدمة دين، و11% خدمة كهرباء، و8% نفقات استثمارية، فلا يمكنك أن تتحدّث عن نشاط اقتصادي في البلاد بـ8% نفقات استثمارية، وبالتالي هنا تكمن أهميّة ضخّ الأموال بمشاريع استثماريّة كبيرة مثل "سيدر" أو من خلال ​القروض​ والهبات والتمويل الميسّر لعدد من المشاريع".

وكشف أنّ "وزارة المال، خلال الساعات الـ24 المقبلة تكون قد أنجزت مناقشة أرقام موازنة 2020، كما بدأنا وضع مسوّدات المواد القانونيّة والتوجّهات الاقتصاديّة والماليّة والنقديّة. وأنا كوزير ماليّة أؤكّد التزام تقديم هذه الموازنة إلى مجلس الوزراء قبل نهاية آب المقبل، أي ضمن المهلة الدستورية ليتسنّى لنا مناقشتها في مجلس الوزراء، وقد أخذت التزامًا مباشرًا من رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ أن يكثّف الجلسات الحكوميّة لإقرارها قبل بداية شهر تشرين الأول، كي نستقبل العام المقبل للمرّة الأولى منذ سنوات بعيدة، بالتزام المواعيد الدستوريّة لتقديم الموازنة".

إلى ذلك، أعلن أنّ "لبنان ليس مفلسًا. التحدّي الأكبر أمامنا هو رفع نسبة النمو، وهو الشرط الرئيسي لمعالجة الوضع المالي. اليوم بنينا موازنتنا على تقدير للنمو بنسبة 1.2%، ورغم أنّ التقديرات في الأشهر الأولى من السنة ليست مشجّعة، لكنّ فرصة تعديل هذه النسبة في أشهر الصيف وفي الفترة الزمنيّة الممتدة من الآن حتّى رأس السنة ما زالت متاحة، خصوصًا إذا استمرّ الاستقرار الأمني والسياسي، وتمكنّا من جذب نسبة كبيرة من السياح واللبنانيين المغتربين". وركّز على أنّ "صحيحًا أنّنا في ظلّ أزمة كبيرة، لكنّ أبواب الإصلاح لم تُقفل بعد. مؤشرات العجز في الأشهر الخمسة الأولى من العام حسب تقاريرنا مشجعة، وتؤكّد أنّ العجز انخفض بنسبة 400 مليون دولار، لكن هذا لا يكفي بل هو ليس الحلّ الأنسب، لأنّنا مضطرّون للقيام بالإصلاحات في قطاع الكهرباء كما ذكرت، وتضخّم سلة الرواتب، كما معالجة خدمة الدين".

وشدّد خليل على "أنّني ما زلت مؤمنًا ومقتنعًا بأنّنا كوزارة مال وبالتعاون مع "​مصرف لبنان​"، سنتمكّن من تأمين الوفر الّذي يقارب 750 مليار ليرة لخدمة الدين هذه السنة من خلال الإصدارات بفوائد منخفضة، أو من خلال أدوات أخرى مكمّلة، لا تزال قيد المناقشة مع المصرف المركزي، وسنصل إليها في هذا الوقت الفاصل من الآن وحتّى نهاية العام"، مشيرًا إلى "أنّني مقتنع، أنّنا ببعض الجديّة والتزام تخفيض النفقات وبتفعيل الجهد لتحقيق الايرادات الّتي وضعناها كأهداف في الموازنة، سنتمكّن من المحافظة على نسبة العجز المطلوبة الّتي حدّدناها في هذه الموازنة. أمّا عن ضبط الإنفاق فسنلتزمه أيضًا، يبقى تقدير الواردات وهي خاضعة بشكل أساسي لآليّات التنفيذ الّتي يجب أن تكون سريعة، لأنّنا خسرنا شهرًا من 6 أشهر، ونتمنّى ألّا تستمرّ الأزمة الحكوميّة القائمة كي نتمكّن من تحقيق الواردات الّتي وضعناها".

وفسّر أنّ "الواردات باستثناء ضريبة الدخل تراجعت، والسبب هو ضياع الأشهر الأولى بسبب عدم تشكيل الحكومة. أضف أنّ المؤشرات لم تكن مؤشرات انفراج، لذلك الواردات لم تنفرج وبالتالي الاستهلاك تراجع، وحين يتراجع الإستهلاك تتأثّر باقي القطاعات، فيتراجع الاستيراد وواردات الضريبة على القيمة المضافة (Tva)، لذلك لا أستغرب هذا الأمر وكان ضمن حساباتنا". وعن كيفيّة توفير الـ13% من فوائد الديون الداخلية، شرح أنّ "الفوائد لا تتوزع بالتساوي بين الأشهر، وبالتالي هذا ليس مقياسًا. الفوائد هي على مقياس الكلفة في العام كاملًا".

وذكّر بـ"أنّنا وفّرنا هذا العام 250 مليارًا في عجز الكهرباء، وإذا سارت الخطة كما هو مرسوم لها، فسنكون عام 2020 أمام انخفاض للعجز بقيمة ألف مليار ليرة لبنانية. يجب أن نستمرّ في المسار عينه، كي نصل إلى تخفيص أكبر للدين وتحريك أسرع لعجلة الاقتصاد، لأنّنا إذا أصبحنا اليوم بمستوى نمو 1.5 في المئة و2 في المئة، فهذا الأمر كان متوقّعًا، والتجارب أثبتت أنّ لبنان قادر على دفع عجلة الاقتصاد بسرعة الى الأمام".

كما رأى أنّ "لا أحد يمكنه أن يتوقّع أو يضبط ما يمكن أن يصدر عن مؤسسات التصنيف الدولي، نحن في انتظار تقرير الـ"s&p" (ستاندرد أند بورز)، الّذي يُفترض أن يصدر في 23 آب المقبل، وسيكون محطة مفصليّة للبنان. نأمل أن يأخذ إنجاز الموازنة في الاعتبار، والخطوات الحكومية المكملة لها، كذلك النتائج الّتي يمكن تحقيقها على صعيد خدمة الدين والإصدارات الجديدة، أو على صعيد المراسيم التنفيذيّة والتطبيقيّة للموازنة". ولفت إلى أنّ "هناك خليّة تعمل بشكل جدّي بين وزارة المال و"مصرف لبنان" ورئاسة الحكومة للتعامل مع مؤسسات التصنيف. وعلى الرغم من أنّ أرقام موازنة 2019 شكّلت عاملًا إيجابيًّا ومؤثّرًا، إلّا أنّها تعتبر "خطوة" نحو الأمام، لا يمكن أن يقاس مستقبل بلد على موازنة واحدة أقرّت في ظروف استثنائيّة، وبعد 6 أشهر من انقضاء العام والتحديات الّتي مرّت فيها البلاد، ووضع المنطقة وانعكاسه على الدخل".

وحول ما يُقال إنّنا على شفير الإفلاس، مصيرنا قد يكون ك​اليونان​، أوضح خليل أنّ "لبنان ليس كاليونان، قطاعنا المصرفي متين وصلب وحيوي ومؤثّر في اقتصادنا وماليّتنا، ولدينا احتياط مقبول في ​البنك المركزي​، إضافة إلى الإرادة الجديّة الموجودة للقيام بخطوات إصلاحيّة. لذلك أنا مطمئن، إلّا أنّ المسألة ليست سهلة، لكنّني مؤمن أنّ مع قليل من الجدية يمكننا أن نحدث فرقًا شاسعًا، ونحن حريصون على أن نحقق هذا الفرق". ونوّه إلى أنّ "في المعطيات الرقمية، ورغم ارتفاع الفوائد لم يصل مستوى فوائد ديننا إلى 7 في المئة، بالمقارنة مع الدول الّتي صنفّت مثلنا كدولة ناشئة، فنحن لا نزال متقدّمين عنها، وهذا مؤشّر لا يمكن تجاهله".

ووجد أنّ "لبنان لا يزال بإمكانه الخروج من أزمته، شرط أن تكون هناك إرادة سياسيّة جديّة تواكب الخطوات الاقتصاديّة المقترحة". وركّز على "أنّني قلت إنّ بإمكاننا إقفال المعابر غير الشرعية الـ136. لا يصحّ اليوم بوجود 130 ألف عنصر من جيشنا وأجهزتنا الأمنية أن نكون غير قادرين على اتخاذ إجراءات لإقفال هذه المعابر، لاسيما أنّ قوانا العسكرية تغلّبت على ​الإرهاب​، وضبط الحدود ونالت إعجاب دول العالم، وبالتالي لا يجوز أن نسمح للمصالح الشخصيّة بأن تعطّل إقفال هذه المعابر وتمعن بطريقة أو بأُخرى في ضرب اقتصادنا وماليّتنا".

وأفاد بـ"أنّني سأطلب في أول جلسة لمجلس الوزراء وضع خطة زمنيّة واضحة من شأنها إقفال ملف المعابر غير الشرعية، وهناك تصوّر جدّي لمجموعة من الخطوات تمكّننا من أن نصل في هذا الملف إلى حدوده الدنيا، فلا أحد يمكنه أن ينهي ظاهرة التهريب بشكل كامل، إلّا أنّ من غير المسموح أن تكون المسألة مفضوحة بهذا الشكل القائم في لبنان، المنظومة الكاملة للاقتصاد مهدّدة"، مؤكّدًا أنّ "في المعلن لا أحد يملك الجرأة لتغطية هذه الأعمال، لذلك علينا القيام بواجباتنا، لذلك أدعو إلى إجراءات تنفيذيّة لإقفال هذه المعابر".

وعن قراءته لحركة العسكريين والكلام العالي النبرة، شدّد خليل على أنّه "قيل إنّ هناك ضريبة فرضت على رواتب ​العسكريين المتقاعدين​، لكن الحقيقة أنّ الضريبة فرضت على رواتب التقاعد لكلّ الموظّفين في القطاع العام. ولنكن حاسمين للمرّة الأخيرة: كلّ ما طرح في الإعلام، والشعارات الّتي رفعها العسكريون هدفها التشويش على مسألة غير واقعيّة على الإطلاق"، جازمًا أنّ "العسكريين لا يطالهم الحسم ولا ​الضرائب​ أبدًا، من رتبة جندي إلى رتبة ملازم لن يدفعوا ليرة على الإطلاق، وهذا واضح لأنّ كلّ عسكري لا يتخطّى مدخوله الـ3 ملايين ليرة لا يدفع ضريبة أبدًا أبدًا. أمّا العميد الذي يتقاضى راتباً قدره 6700 ألف ليرة، فإنّ ضريبته هي 83 ألف ليرة، هذا جلّ ما في الأمر".

وأفاد بـ"أنّني طرحت تخفيض رواتب السلطات العامة إلى 50 في المئة، لكن ​لجنة المال والموازنة​ والهيئة العامة عدّلتها، وأنا مقتنع بوجوب أن يساهم السياسيّون قبل غيرهم. لذلك استحدثنا أحد البنود الإصلاحيّة في الموازنة، وهي وضع سقف للرواتب المرتفعة ومنع الازدواجيّة ووضع ضريبة على الشطر الأعلى". وعمّا إذا كان يرى أنّ ​سلسلة الرتب والرواتب​ ساهمت في الأزمة الاقتصادية، فسّر أنّ "من الطبيعي أن تكون سلسلة الرتب والرواتب قد رتّبت أعباء كبيرة. في المقابل، ليس صحيحًا أنّه لم يكن هناك تقدير دقيق للواردات، لكن يجب ألّا ننسى أنّ هناك طعنًا حصل في ​المجلس الدستوري​ في 3 مواد من الواردات الّتي أقرّت، الأمر الّذي أدّى إلى عدم تحقيقها"، مشيرًا إلى أنّ "ما ترك أثرًا كبيرًا هو الزيادة غير الطبيعيّة على "التقاعد المبكر"، لأنّه لدى صدور السلسلة ارتفع عدد المتقاعدين خلال عام واحد إلى 3 أضعاف، وبالتالي ارتفعت تعويضات نهاية الخدمة من 350 مليار ليرة في السنة إلى 1015 مليارًا، ورتّب التقاعد علينا عبئًا إضافيًّا، لأنّه لم يأخذ اقتراحنا بتجميد التقاعد المبكر في الاعتبار، لكنّه عاد وأقرّ الآن، هذه إحدى "القنابل" الكبيرة الّتي تركت أثرًا سلبيًّا على السلسلة".

بالإضافة إلى ذلك، كشف أنّ "في نقاشنا مع "​صندوق النقد الدولي​"، لم يطرح وقف دعم الليرة وتحريرها على الإطلاق. في لبنان لم يطرح هذا الأمر، ولم يقارب لا من قريب ولا من بعيد، والدولة اللبنانية ملتزمة بشكل حاسم وفي ​البيان الوزاري​ بحكومتها، وبتوجيهات وزارة المال الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة. أنا أطمئن اللبنانيين أنّ الليرة بخير".

وعن الودائع في المصارف، وعمّا إذا كنّا البلد شبه الوحيد الّذي يستدين من نفسه، ركّز على أنّه "ليس بالضرورة أن يكون ذلك نقطة ضعف، بل يجب أن تكون نقطة قوّة، وهذا يجعل الالتزامات والأعباء أقل، وأكيد لا مشكلة على الإطلاق في الحفاظ على ودائع اللبنانيين في المصارف"، مؤكّدًا أنّ "لبنان لم يتخلّف تاريخيًّا ولن يتخلّف حاليًّا عن الالتزام بتسديد مستحقّاته. نحن من الدول القليلة الّتي لم تتخلّف يومًا عن تسديد سنداتها، وحتّى تاريخه نحن ندفع سنداتنا بالعملات الأجنبية واللبنانية بشكل طبيعي ولا نواجه أيّ مشكلة في هذا الموضوع إطلاقًا".

وطمأن خليل أصحاب الودائع في المصارف، قائلًا: "لا خوف ولا قلق على ودائع اللبنانيين في المصارف". وعن ضريبة الـ3 في المئة، نوّه إلى "أنّني كنت مقتنعًا بأنّ الرسم الأمثل هو الرسم النوعي على البضائع الّتي تنتج محليًّا أو يمكن إنتاجها محليًّا، وبذلك نقوم بحماية الصناعة اللبنانية والزراعة ما يساهم في تخفيض العجز في الميزان التجاري، وتكون أعباؤها على الناس أقل، لكنّنا أصبحنا بعد النقاش أمام واقع تمّ تلطيفه الى أقصى درجات ممكنة بطريقة لا يؤثّر على المواطنين". وذكر أنّ "ضريبة الـ3 في المئة ذات جدوى في تأمين الواردات للخزينة، ولن تمسّ بالطبقة الفقيرة والمتوسطة لأنها لا تطال السلع الّتي فرضت عليها "tva"، و​البنزين​ والمواد الأولويّة والزراعيّة والصناعيّة كافّة. وبالتالي، نحن أمام رسم مؤقت لمرحلة انتقالية، ولا يصيب السلع الأساسية والضرورية للناس ويخدم تأمين الإيرادات".

أمّا في ملف حادثة ​قبرشمون​ وتداعياتها، والحل للأزمة الحكومية، جزم أنّ "القاعدة الأساس أن ننظّم حياتنا السياسيّة بطريقة تبقي الخلافات منضبطة، ضمن إطار ​المؤسسات الدستورية​. وإذا لم نتمكّن من الوصول إلى هنا سنبقى رهن الأزمات المتراكمة"، مبيّنًا أنّ "أبشع دليل هو الحادثة المؤسفة الّتي خسرنا جميعنا من خلالها، لذلك دعَوْنا من اليوم الأوّل إلى أن يأخذ القضاء مجراه والمعالجة السياسيّة دورها، لكن ويا للأسف بدل أن نركّز جهودنا على هذه المسارات، تعطّل عمل مجلس الوزراء".

وأعلن أنّ "التأخير بانعقاده يؤدّي لإلى تراكم الملفات، ما يترك أثرًا على ثقة الناس في الدولة والمؤسسات وعلى مجمل المسارات الاقتصادية والمالية ومصالح الناس، فيما الجهات السياسيّة المعنيّة ترفع السقوف في ال​سياسة​ والقضاء، وهذه التصرفات غير مبرّرة"، داعيًا إلى "العودة إلى طرح رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، بأن يأخذ القضاء مجراه ويؤدّي الأمن دوره في ضبط الوضع، والأهم العمل على تعزيز العلاقات الداخلية بين الطائفة الواحدة وبين الطوائف المختلفة، لأنّ الأولوية هي الحفاظ على الوحدة الوطنية؛ والتجارب أثبتت أنّ لا أحد يقدر على إلغاء الآخر أو مصادرة دوره. باختصار لا كبير في البلد سوى البلد نفسه".