لم يسبق ان عاشت ​طرابلس​ البلد والضواحي والاطراف التحديات التي تعيشها اليوم على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد ان سبق ان عاشت اكثر من قطوع امني وعسكري متعدد الاشكال والالوان وخرجت منه موحدة ومتماسكة. ولعل الشغل الشاغل للطرابلسيين اليوم بمذاهبهم وفئاتهم وطوائفهم كافة هو تراجع الوضع البيئي والبلدي والانمائي في المدينة بالتزامن مع وضع اقتصادي خانق غير مسبوق. ومنذ 10 ايام حتى اليوم وتضج الصالونات السياسية وغير السياسية والمحسوبة على هذا الطرف او ذاك والتي لا تنتمي الى اية جهة سياسية نافذة اليوم في المدينة بعشرات الاخبار والسيناريوهات القاتمة لملف البلدية والتي تواجه تحديات مصيرية واهمها مشروع مكب نفايات الفوار والذي يلاقي رفض وغضب كل ابناء الشمال وليس فقط الطرابلسيين. وفي الايام الثلاثة الماضية تؤكد اوساط واسعة الإطلاع على المشاورات الجارية لانتخاب رئيس ل​بلدية طرابلس​ ونائبه مع شغور المنصبين بطرح اعضاء من البلدية الثقة بالرئيس السابق للبلدية ​احمد قمرالدين​ و​خالد الولي​، ان المحاولات الخجولة التي حصلت والاجتماعات التي سجلت بين الاعضاء المتخاصمين لم تفض الى التوافق على اسمين لرئيس البلدية ونائب الرئيس والذهاب بهما الى ​سراي طرابلس​ وتسجيل انتخابهما رسمياً امام محافظ الشمال القاضي ​رمزي نهرا​. وتقول الاوساط ان ذيول الإشكال الذي حصل يوم الثلاثاء في 16 الجاري على إثر طرح الثقة بقمرالدين والولي تؤكد حجم الهوة بين الاعضاء والتناقضات التي كانت تحكم عملهم في المجلس البلدي خلال الثلاثة اعوام الماضية اذ لم يسجل لهذا المجلس اية انجازات نوعية او تقدم في الملف البلدية والإنمائي والبيئي. وتقول الاوساط ان الاعضاء الغير متجانسين سياسياً وحتى بلدياً وقد اجتمعوا قسراً في مجلس بلدي ولد قيصرياً و"سباعياً" اي ابن سبعة اشهر وغير مكتمل النمو السياسي ومنقسم بين المحسوبين على اللواء ​اشرف ريفي​ وبين تحالف الرئيس ​سعد الحريري​ والرئيس ​نجيب ميقاتي​ والوزير ​فيصل كرامي​ معه الاحباش بالاضافة الى النائب ​محمد كبارة​ والوزير السابق ​محمد الصفدي​. ومع طي صفحة الخلاف السياسي بين ريفي والحريري قبيل انتخابات طرابلس الفرعية بعد قبول ​المجلس الدستوري​ الطعن بنيابة ​ديما جمالي​ وحصول انتخابات فرعية على النظام الاكثري وفوزها بها مرة ثانية، تشير الاوساط الى ان وبعد ارتفاع النقمة على اداء المجلس البلدي شعبياً وسياسياً، تبرأ ريفي من بعض الاعضاء الذين دعمهم والذين غيروا "ولاءاتهم" السياسية.

وفي حين تؤكد الاوساط ان الاتصالات التي تجري بين القوى السياسية في طرابلس حالياً لم تفض حتى الساعة الى اي توافق لتحديد هوية الرئيس ونائب الرئيس خارج مرشح الرئيس ميقاتي رئيس السن في البلدية اليوم عزام عويضة وصفوح يكن ومرشح الفريق المعارض لبقاء قمرالدين والرافض تسمية عويضة هو الدكتور رياض يمق في حين يتردد ان ​تيار المستقبل​ يدعم بقاء قمرالدين مع مرونة في اختيار نائب الرئيس. ومع الضبابية وعدم وضوح الرؤية تؤكد الاوساط ان المشكلة الاساسية هي في عدم وجود توافق سياسي بين المستقبل وميقاتي وسعي كل منهما الى تكريس نفوذه البلدي في المدينة رغم اعلان "التحالف او التفاهم" في الانتخابات النيابية والفرعية وقبلهما في ​الانتخابات البلدية​. اما المشكلة الثانية فتلخصها الاوساط بعجز كل قوى طرابلس السياسية على "المونة" على اكثر من 12 عضواً من 23 لانتخاب الرئيس ونائبه لسببين: ان بعض هؤلاء طامح للرئاسة او نيابة الرئيس وعددهم 7 وان الآخرين لا يرغبون في مجلس بلدي نصفه معطل بالنكايات مسبقاً وسيكون مصير الثلاثة سنوات مشابهاً للتي مرت بلا طائل.

وفي ظل تعثر المساعي السياسية وانعدام التوافق على اسم رئيس ونائب رئيس وفي ظل التناتش السياسي والطموح الفردي، تتوقع الاوساط ان تفشل جلسة اليوم عند الواحدة في سراي طرابلس الا اذا حصلت تسوية مفاجئة ليلاً وتكون مرضية للجميع وهذا مستبعد وفق الاجواء المشحونة في طرابلس. وعليه تكشف الاوساط عن اكثر من حراك لصالونات وتجمعات لفاعليات المدينة والتي عقدت اجتماعات امس وامس الاول لمناقشة الوضع البلدي في المدينة وهي لقاءات غير محسوبة سياسياً على اي طرف في طرابلس كـ"لقاء الثلاثاء" الذي عقد في دارة الراحل الدكتور ​عبد المجيد الرافعي​ برئاسة زوجته ليلى بقسماطي الرافعي وخلص الى تشكيل لجنة خماسية من اعضائه للاتصال بكامل اعضاء المجلس البلدي الحالي لطرابلس وجمعهم في منزل الرافعي بعد انتظار نتيجة جلسة السراي وعنوان اللقاء سيكون التفاهم على اسم رئيس ونائب رئيس وخطة عمل انقاذية للبلدية وللمدينة، وإلا سيكون هناك مواقف وتحركات مدنية وشعبية وإعلامية ضدهم لان تغليب الانتماء السياسي والشخصانية على امر مُلحّ وحيوي ليس مقبولاً او مسمووحاً وخاصة ان النقمة والغليان الشعبي على نواب ومسؤولي وسياسيي المدينة واعضاء البلدية ليس صغيرة ومرشحة الى التصاعد والانفجار.

في المقابل تردد ايضاً ان تجمع "اللقاء الشعبي الطرابلسي" الذي يرأسه الدكتور باسم عساف طرح مبادرة مشابهة لمبادرة "لقاء الثلاثاء" وهدفها انقاذي ايضاً.

وتشير الاوساط ان الخوف الشعبي في طرابلس يتركز على إستمرار تعطيل جلسات انتخاب الرئيس ونائبه وان تبقى البلدية في الفراغ حتى إشعار آخر وهناك خيار آخر في حالة الاستقالة الجماعية ان تصبح في عهدة المحافظ نهرا او يتخذ ​مجلس الوزراء​ قراراً بحلها في حال بقي التعطيل وانعكست على وضع المدينة ضرراً اكبر من الحالي. وفي كل الحالات يتخوف الاهالي والناشطون والمعنيون بالشأن البلدي على وجود 90 مليار ليرة في صندوق البلدية وكيف ستصرف ومصيرها في ظل نقص خدماتي هائل فيها.