كل الخطوات الممهدة تحتاج إلى أرضية استقرار وتفكيك الغام، وهل أفضل من "وسيط الجمهورية" ​اللواء عباس ابراهيم​ للقيام بهذا الدور؟

اللواء عباس ابراهيم بمرونته المعهودة وصبره الطويل يواصل مساعيه على أكثر من مستوى، والتحدي الأكبر هو في تفكيك "جبل الألغام" من امام عودة انعقاد ​مجلس الوزراء​، وكما نجح في الوساطات السابقة، لا شك ان الوساطة الحالية ستلقى النجاح أيضًا.

***

تلقَّف رئيس تكتل ​لبنان​ القوي، رئيس ​التيار الوطني الحر​، الوزير ​جبران باسيل​، كرة النار التي لم يجرؤ أحدٌ قبله على تلقفها:

كثيرون سبق أن تحدثوا عن فساد في ​الدولة​ وعن أموال منهوبة ومسروقة... وكثيرون ذكّروا بقانون "من أين لك هذا؟"، لكن كل ذلك بقي حبرًا على ورق لأن "التقاء المصالح" بين الطبقة السياسية كان يحول دون الجرأة على الإقدام.

الوزير جبران باسيل إقتحم المحظور، ففجَّر ​قنبلة​ سياسية مدوِّية بعد اجتماع تكتله الثلاثاء، فأعلن أن "التكتل سيتقدم بمشروع قانون استعادة الاموال المنهوبة من الدولة، للمجلس النيابي، وأهم شيء ان هذا القانون يعطي الجدية للحكومة و​المجلس النيابي​ في الاصلاح، وذلك عبر استعادة اموال الدولة من سارقيها".

الوزير باسيل كشف ان هذه المحاولة ليست الاولى، إذ سبق للتكتل ان حاول ادخال هذا القانون في ​الموازنة​ ولكن المحاولة لم تنجح.

لكن بعد إنجاز موازنة العام 2019، والتطلع إلى موازنة العام 2020، "ناقشنا مشروع القانون، وسنقدمه الى ​مجلس النواب​ في اليومين المقبلين، وسنفضح كل مَن يتبرأ من إقراره... ان هذا التحدي كبير جدا، و​اللبنانيون​ ذاهبون الى موازنة

اصلاحية في العام 2020 واذا فشلنا فيها، فهناك علامات استفهام حول الموضوع".

***

كلامٌ كبير يقوله الوزير باسيل، وطموحات كبيرة يعِد بها، ومن باب النصح والدعم لمشروع القانون هذا، لا بد من تقديم المقترحات التالية لئلا يذهب مشروع القانون هذا إلى الأَدراج شأنه شأن سائر مشاريع القوانين التي أصبحت منسية، ومن المقترحات:

لا بد من نشر "مشروع قانون استعادة الاموال المنهوبة من الدولة" على الرأي العام، بالتوازي مع تقديمه إلى مجلس النواب، أهمية هذه الخطوة انها تجعل الرأي العام يشارك في نقاش هذه القضية الحيوية التي تهم حاضر البلد ومستقبل الأجيال.

فحين يشارك الرأي العام بقضية حيوية مثل هذه القضية، فإنه لا يعود بإمكان النواب ان يُهمِلوا هذا الملف.

***

ومن المقترحات أنه لا بد من استحداث "داتا معلومات" تكون بتصرف كل مَن يملك معلومات موثوقة، فيتم تجميعها وتوثيقها تمهيدًا لوضعها في تصرف ​القضاء​ الذي سيحقق في هذه الملفات.

***

ومن المقترحات أيضًا، وبالتوازي مع تقديم مشروع القانون هذا، لا بد من تفعيل قانون "الحق في الوصول الى المعلومات"، للتذكير فإن هذا القانون موجود في لبنان منذ العام 2017، وكان من باكورة القوانين التي استهل ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ عهده بها، وهو من القوانين الواجب تفعيلها لأنها تعطي الحق في الوصول إلى المعلومات في كل الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة.

قانون "الحق في الوصول إلى المعلومات" يُفترض ان يُتيح، على سبيل المثال لا الحصر، الوصول إلى المعلومات حول كيفية إعطاء المناقصات في ​مجلس الإنماء والإعمار​، وكيف هي محصورة في متعهد واحد أو اكثر بقليل.

القانون ذاته يُفترض ان يتيح الوصول إلى المعلومات حول كيفية إجراء "العمليات المالية " في ​مصرف لبنان​ ، وهناك مَن يعتبر ان هذه العمليات تنقصها الشفافية.

***

مشكور الوزير جبران باسيل على الجهد الذي يقوم به وباستعادة الأموال المنهوبة.

والرأي العام مع هذه الخطوة الجبارة حتى الأخير.