في ظل تعطيل ​مجلس الوزراء​ نتيجة الخلاف القائم على طرح حادثة ​قبرشمون​ على جدول اعمال المجلس من عدمه، تُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول موقف رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، الذي يُصر على عدم طرح الملف على جدول الأعمال للبت به، خصوصاً أن ما يخشاه، تأثير النقاش فيه على حكومته، الامر الذي يحصل عملياً في كل ساعة منذ لحظة إطلاق النار على موكب وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​.

مقابل ذلك، يُصر رئيس الحكومة على عقد جلسة لمجلس الوزراء في أقرب وقت، وهو يجري مشاورات دائمة مع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ لهذه الغاية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يستطيع أن يجمع الغريب مع وزيري "الحزب التقدمي الإشتراكي"، الصناعة ​وائل أبو فاعور​ والتربية ​أكرم شهيب​، من دون معالجة هذه المسألة؟.

من وجهة نظر مصادر سياسية مطلعة، لا يمكن عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل البت في ملف حادثة قبرشمون، إلا إذا كان المطروح عرضه على التصويت، لحسم مسألة الإحالة على المجلس العدلي من عدمها، وعندها يستطيع كل فريق أن يأخذ الموقف الذي يناسبه، سواء كان رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال أرسلان​ أو رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، نظراً إلى أنّ أيّ إجتماع بين الغريب وشهيب، على وجه التحديد، قد يؤدّي إلى توتير الأجواء أكثر، خصوصاً أن "الديمقراطي" كان قد ألمح، في أكثر من مرة، إلى مسؤولية مباشرة لوزير التربية والتعليم العالي حول ما حصل في قبرشمون.

وترى هذه المصادر أنّ رئيس الحكومة عليه أن يلعب دوراً رئيسياً في المعالجة السياسية لهذا الملف قبل الدعوة إلى أي جلسة حكوميّة، في حال كان يريد فعلاً حكومته، خصوصاً أن موقفه الحالي يتماهى مع موقف الحزب "الإشتراكي"، لناحية رفض طرح الملف على طاولة مجلس الوزراء، وتشير إلى أنه في حال لم يكن راغباً في لعب هذا الدور عليه أن يترك القرار لمجلس الوزراء مجتمعاً، خصوصاً أن الحل قد يكون في هذا المسار، لا سيما إذا لم يكن هناك أكثر من 15 وزيراً يؤيدون الإحالة على المجلس العدلي.

وعلى الرغم من تأكيد المصادر نفسها أن البحث في الملف في الحكومة، من دون تأمين الإتفاق اللازم حوله بين معظم الأفرقاء، قد يؤدي إلى أزمة حقيقية، مهما كان القرار الذي سيصدر، توضح أن الحريري يريد على ما يبدو الإستفادة من هذه الحالة لإعادة تجميع أوراق قوته من جهة، خصوصاً بالنسبة إلى إعادة الحياة إلى تحالفه مع رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي"، بعد المصالحة التي عقدت برعاية رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، ومن جهة ثانية يريد الردّ على الإتهامات بأنّه يتخلى عن صلاحياته الدستوريّة عبر القول أنّه هو من يقرر جدول أعمال جلسات المجلس من جهة ثانية، مع علمه أنه لن ينجح في الدعوة إلى عقد أي جلسة لمجلس الوزراء من دون التوافق مع تكتّل "لبنان القوي"، الذي يدعم موقف رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني".

في المحصّلة، تجزم هذه المصادر بأن على رئيس الحكومة المساهمة في المعالجة السياسية قبل أيّ أمر آخر، وتشدّد على أن وقوفه طرفاً في هذه الأزمة لن يقود إلى أيّ حل، خصوصاً أنّ الذهاب إلى تفعيل عمل اللجان الوزاريّة لا يكفي وحده لمواجهة الملفّات العالقة، في حين برز في الساعات الأخيرة تحرك جديد لرئيس المجلس النيابي.