لم تُجدِ كلُّ المحاولات السياسية التي حصلت لإنهاء أزمة ​قبرشمون​ بين الحزبين "​التقدمي الإشتراكي​" و"الديمقراطي". فكل المبادرات سقطت واحدة تلو الأخرى نتيجة الرفض المتبادل للشروط، وعدم قبول "التقدّمي" بإحالة القضيّة إلى ​المجلس العدلي​. لكن المخاوف تتزايد من حوادث مُحتملة كما حصل في حادثة هجوم أحد مناصري "التقدّمي" على منزل وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​. بالنسبة لمحازبي "الديمقراطي" فإن القضيّة تتعدّى قصّة شاب مخمور حاول الدخول الى منزل الغريب ليلا بينما كان ثملاً. هناك حلقات تتعّدد لخدمة هدف واحد: جرّ محازبي وانصار "الديمقراطي" الى إشكال دموي لتحقيق المقايضة مع قضيّة قبرشمون. يتعزز هذا السيناريو بعد فشل "الإشتراكي" في فرض المقايضة بين حادثتي الشويفات وقبرشمون.

مصدر مطّلع تحدّث عن وجود مخطّط خطير لإحداث أزمة يستطيع من خلالها "الإشتراكيون" تنفيذ تلك المقايضة. وحينما نسأل المصدر المعني نفسه عن ماهيّة تلك المخطّطات، يقول: هناك غرفة عمليّات تديرها أجهزة... وربما خارجيّة، بالتعاون مع أحد الأحزاب تخطّط لإفتعال حادثة ترمي فيها المسؤوليّة على محازبي "الديمقراطي"، وتطرح نتائجها الدمويّة للمقايضة. يضيف المصدر: ارادوا قبرشمون ثانية في ​عين دارة​ من خلال إستغلال قرار قضائي، لم نعد نصدّق أنّ حيثياته أو توقيته بريء، بل هو خالف الأحكام القضائية المبرمة والقرارات الإداريّة النافذة، وتلك مسألة سيجري تفنيدها لاحقًا. لقد كان مُنتظراً أن تتحرّك البلديّات المدعومة من رئيس الحزب التقدمي ​وليد جنبلاط​ في مؤازرة رئيس بلدية عين دارة لقيادة تظاهرة نهار الجمعة الماضي، وفجأة جرى إستبدال الخطّة بأخرى، قضت بإرسال أكثر من ٣٠٠ عنصر امني مع آليات عسكريّة في مشهد يوحي بالإستعداد لتنفيذ عمليّة أمنيّة كبيرة، وليس إقفال معمل بالشمع الأحمر، بل جرى الدخول الى المكاتب عن طريق الخلع كإستفزاز واضح.

يرى المصدر نفسه أن المطلوب كان جرّ "حزب الله" "الديمقراطي" إلى صدام مع القوى الأمنيّة، لتحقيق المقايضة مع حادثة قبرشمون. لكن ماذا جرى؟ يقول المصدر المعني نفسه أنّ تلك الخطّة فشلت، بعد اتّخاذ قرار عدم حصول أيّ إعتراض، ليتبيّن أنّ المتواجدين في المجمّع الصناعي في جرود عين دارة هم حرّاس وموظفون وليسوا مسلّحين، أو عناصر في قاعدة تابعة لأيّ حزب، كما روّج البعض. فلا إعتراض ولا مقاومة ولا محضر أمني حول أيّ صدٍّ أو ردٍّ.

يعتبر المصدر ذاته انّ الرسالة وصلت من خلال الإستعراض الأمني، وهو ما أرادته احدى الجهّات إرساله عبر أجهزة رسميّة هذه المرّة، لكن بالمقابل سقطت الخطّة عن الواجهة. ولذلك، يرى المصدر المعني أن الهدف كان واضحا عبر ثلاثة عناصر: كسر إرادة "حزب الله" الذي يدافع عن توقيع وزيره النائب حسين الحاج حسن، وإدخال آل فتوش في اللعبة الأمنيّة للتصويب على ​سوريا​ وملاحقتهم بحجّة مقاومة قرارات قضائيّة وأمنيّة، وتحقيق المساواة في المسؤوليّات بين حادثتي قبرشمون وعين دارة، بعد توريط مناصري النائب طلال ارسلان. علماً أن قرار إقفال المقالع والكسّارات في ضهر البيدر يأتي ضمن سياق "تحدّي ارسلان، الذي بات يواليه كل أصحاب وعمّال تلك الكسّارات، وكأنّ المطلوب القول أن المير لا يستطيع خدمة او حماية مصالح مناصريه في الجبل، بل من يحمي هو وليد بك فقط".

وعلى هذا الاساس اظهرت القضية أنّ السجال والخلاف هو أبعد من قضيّة معمل إسمنت، بل تطال الحسابات أهميّة الموقع الإستراتيجي لجرود عين دارة. ووعد المصدر بكشف حقائق قريبا امام الرأي العام تتعلّق جوهرياً بمسألة جغرافية-ديمغرافية، تحت عنوان بيئي في الشكل. لكن في المحصّلة "لن تتوقف القصّة عند هذا الحدّ"، بل يتحدّث المصدر عن عدم قبول القوى السّياسية والإقتصاديّة المُستهدفة التراجع: نحن مستمرون. كيف؟ ومتى؟ الجواب: كل شيء في وقته. فليطمئنوا.