أبدت مصادر نيابية ووزارية ارتياحها للأجواء التي سادت اللقاء بين رئيسي المجلس النيابي ​نبيه بري​ والحكومة ​سعد الحريري​، وكشفت لصحيفة الشرق الأوسط، أنهما قطعا شوطاً على طريق الانتهاء من وضع أفكار مشتركة يمكن أن تؤسس في حال أبدى الجميع مرونة في تعاملهم معها للانتقال بالبلد من مرحلة التأزم السياسي، التي ما زالت تعطّل انعقاد جلسات ​مجلس الوزراء​، إلى مرحلة الانفراج ومعاودة تفعيل العمل الحكومي من خلال التوصّل إلى مخرج لاستيعاب تداعيات حادثة الجبل.

ولفتت المصادر إلى أن الرئيس الحريري عكس ارتياحه للقائه مع الرئيس بري في الاجتماع الذي جمعه برؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وقالت إنهما اتفقا على موقف موحّد حيال تعاطيهما مع المخارج المطروحة لإيجاد تسوية للحادثة.

لكن المصادر لاحظت عدم ارتياح بري والحريري للموقف الذي صدر عن رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، وأعلن فيه رفضه كل المبادرات التي طرحت لوضع حد للتأزم السياسي، تمهيداً لوقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

في هذا السياق، سألت المصادر عن مصلحة أرسلان في الإصرار على إقفال الأبواب في وجه المبادرات، بدلاً من أن يبادر إلى التجاوب مع الجهود الرامية لإعادة الاستقرار السياسي إلى الجبل، ولو من موقع اختلافه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ​وليد جنبلاط​؟

وذكرت المصادر أن الرئيسين بري والحريري ينأيان في الوقت الحاضر عن التداول في الأفكار التي يعملان على إنضاجها، قبل أن تصبح جاهزة للتسويق، لعلها تكون المبادرة الأخيرة التي يُفترض أن تلقى تأييداً، ليس من طرفي النزاع؛ أي جنبلاط وأرسلان، وإنما من جميع المكوّنات السياسية المشاركة في الحكومة، بما يضمن عودة الروح إلى مجلس الوزراء.

وأكدت أن أقرب المقربين من رئيسي البرلمان والحكومة يبدون حرصاً شديداً على حجب أي تفاصيل تتعلق بالأفكار المشتركة التي يبدو أنهما على توافق حيالها، وعزت السبب إلى أنهما لا يريدان التسبب في حرق المراحل قبل أوانها. إلا أن المصادر ذكرت لـ"الشرق الأوسط" أن التواصل بين بري والحريري من جهة وبين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ لم ينقطع، كما أن عون يبدي مرونة وانفتاحاً على هذه الأفكار. وكشفت أن هذه الأفكار يمكن أن تشكّل مشروع اللحظة الأخيرة الذي قد يلقى تأييداً يتجاوز طرفي النزاع إلى الأطراف الأخرى، ويقود حتماً إلى وقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وقالت إن المشاورات مع جنبلاط قائمة من خلال الوزير وائل أبو فاعور الذي يلتقي باستمرار رئيسي البرلمان والحكومة.

وأوضحت أن الرئيس عون أو من ينتدبه من فريقه السياسي سيتولى، فور انتهاء بري والحريري من وضع هذه الأفكار التي تشكل قاعدة لتسوية حادثة الجبل، التحرك في اتجاه أرسلان لإقناعه بالسير في هذه التسوية، وأن لا جدوى من عناده الذي بات يُحرج حلفاءه محلياً وخارج الحدود بأن هناك من يقف عائقاً دون إنهاء النزاع باعتبار أنه المعبر للاقتصاص من جنبلاط على مواقفه من النظام السوري.

ورأت المصادر نفسها أن الكرة الآن في مرمى رئيس الجمهورية، ومن خلاله رئيس التيار الوطني الحر الوزير ​جبران باسيل​، وقالت إنه لم يعد من مصلحة للعهد في استمرار تعطيل مجلس الوزراء، لأن تعطيله لا يستهدف الحريري فحسب، وإنما الرئاسة الأولى.