"لا يزال العدو الإسرائيلي يمعن في انتهاك سيادة ​لبنان​ براً وبحراً وجواً، وعلى مدى عقود ارتقى العديد من العسكريين والمدنيين شهداء جراء اعتداءاته المتكرّرة. وبجهودكم وتضحياتكم سنستمر في مواجهة أطماعه وفي التصدّي له ومواجهة ​الإرهاب​".

هذا أبرز ما ورد في أمر اليوم، الذي وجهه قائد ​الجيش اللبناني​ ​العماد جوزاف عون​ إلى العسكريين، لمناسبة العيد 74 للجيش، بشكل حاسم يؤكّد على مهام المؤسسة العسكريّة الأساسيّة، بالإضافة إلى المهام الأخرى التي توكل بها، لكن المسار الذي سلكته الأمور، لا سيما في السنوات الماضية، يؤكد أن الجيش يحتاج اليوم إلى الدعم أكثر من أيّ وقت مضى.

منذ الأمس، بدأت المعايدات تنهال من القوى والشخصيات السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية، على ​المؤسسة العسكرية​، مؤكّدة الدعم وأهميّة الدور الذي تقوم به هذه المؤسسة الوطنيّة، وهي تأتي على شكل بيانات معدّة سلفاً يتمّ التذكير بها في الأول من آب من كل عام، من دون أن تترجم على أرض الواقع من الناحية العمليّة، سواء كان ذلك على مستوى الدعم أو على مستوى حفظ الحقوق، بدليل الذهاب إلى مطالبة المؤسّسة بموازنة تقشّفية، مقابل الإبقاء على مهامها على ما هي عليه.

عاش الجيش اللبناني سابقًا وما تلاه، اياما استثنائية حملت معها الانجازات، والخيبات، فالنسبة الى الانجازات بحسب ما تشير اليها مصادر عسكرية، لا تقتصر فقط على دور الجيش الجبّار في تحرير الجرود ودحر ​الارهاب​ عن حدود لبنان الشرقية، بل أيضا في العمل الذي قامت به المؤسّسة في الداخل اللبناني، اذ تمكنت من توقيف مطلوبين خطرين جدا، من لبنانيين وغير لبنانيين، كاشفة أن ​مخابرات الجيش​ اعتقلت ارهابيين وفكّكت مجموعات ارهابيّة واوقفت تجار ​مخدرات​، وكل ذلك بجوّ من التستّر لحين إتمام الاعمال والتي بعضها لم يكتمل حتى اليوم.

اذا، لا يمكن لأحد اتهام الجيش بالتقصير، بل يمكن وبكل ضمير مرتاح أن نتّهم الساسة بالتقصير بحقّ الجيش وجنوده، ولكننا لن نتطرق في موضوعنا الى حقوق العسكريين والنقاش الذي دار حولها في ​الموازنة​، سواء في ​مجلس الوزراء​، ام في اللجان النيابيّة والهيئة العامة، إنما سنتحدّث عن تقصير المسؤولين بحق الجيش تسليحا، والأمر الذي يجعل المؤسسة جبّارة بروح جنودها، ضعيفة بقدراتها العسكريّة واللوجستيّة.

من المعلوم بحسب المصادر أن تدريب الجندي اللبناني هو من الأفضل في ​الشرق الأوسط​، خصوصا وان الفرق الخاصة لا تكتفي بدورات التدريب في لبنان بل تتجه للخارج للمشاركة بدورات عالمية، يحرز فيها ​اللبنانيون​ دوما مراتب متقدمة، ولكن ما ينقصه هو ​السلاح​، الأمر الذي يقع على عاتق المسؤولين السياسيين لا العسكريين.

في مناسبة عيد الجيش لا داعي لكثرة الكلام، خصوصا من اصحاب القرار، أي كل المشاركين في السلطة اليوم، اذ لا عذر لأحد منهم في عدم تأمين مستلزمات الجيش من عتاد وسلاح، فبدل تخفيف ميزانية الجيش يجب زيادتها، والتوجه نحو أسواق سلاح جديدة غير تلك المعتمدة سابقا والتي تمنع وصول السلاح الفعال والنوعي.

إن عيد الجيش هذا العام يترافق مع ما كشفته صحيفة اميركية عن تجميد ​واشنطن​ للمساعدات العسكرية للجيش اللبناني، ورغم ان هذا التسليح لم يكن يوما على مستوى طموحات اللبنانيين، ولكنه من دون شك سيترك أثرا او فراغا بحاجة لملئه بأسرع وقت ممكن، فهل يجرؤ ساسة لبنان على تخطي الخطوط الحمراء المرسومة من قبل الأميركي، في هذا الإطار، ام سيبقى الجيش مجددا معتمدا على "ورح جنوده، ولحمهم الحي"؟