يحتفل لبنان في الأوّل من آب بالعيد الـ74 للمؤسّسة العسكرية، التي تُمثّل نموذجاً للانصهار الوطني، ونقطة تلاقي اللبنانيين على مختلف مناطقهم، ومذاهبهم وطوائفهم وتوجّهاتهم السياسية.

لقد أثبتت المؤسّسة العسكرية أنّها العمود الفقري في مُؤسّسات الدولة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، لترسيخ عقيدة تمَّ فيها تحديد العدو من الصديق.

عدو إسرائيلي مُحتل للأرض، وما زال يُمارس اعتداءاته برّاً وبحراً وجوّاً، وعبر عملائه بشبكات تجسّسية، ووجه آخر، خلايا إرهابية، نجح الجيش والقوى الأمنية بالتصدّي لهم، فدحروا الإرهاب على الحدود الشرقية في معركة "فجر الجرود" لتحرير جرود ​عرسال​ ورأس بعلبك والقاع، التي قادها قائد الجيش العماد ​جوزاف عون​، الذي خبر تلك المنطقة عن ظهر قلب، ووُصِفَ بـ"قائد جبهة عرسال"، قبل تعيينه قائداً للجيش (8 آذار 2017).

وتوازياً كان التصدّي للمجموعات الإرهابية في الداخل، وتفكيكها وتوقيف أفرادها بالتنسيق مع ​الأمن العام​ بقيادة اللواء عباس إبراهيم، والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بقيادة اللواء ​عماد عثمان​، ومديرية أمن الدولة بقيادة اللواء طوني صليبا ومتابعة مدير المخابرات في ​الجيش اللبناني​ العميد الركن أنطوان منصور.

العماد المغوار جوزاف عون وعى باكراً العيش الوطني، الذي مثّله مسقط رأسه بلدة العيشية الرابضة على إحدى قِمم قضاء جزين، بما تشكّله من نموذج مُصغّر من لبنان، بعلاقاتها المُترامية وامتداداتها الجغرافية مع مدينة صيدا ومحافظات الجنوب، النبطية، الجبل والبقاع.

على مر السنوات تشعّبت وتنوّعت المهام التي أُوكلت إلى الجيش والقوى الأمنية الذين نجحوا بعمليات استباقية وقدّموا الشهداء والجرحى، ذوداً عن حدود لبنان، وحفظ أمنه واستقلاله، فضلاً عن التدخّل لمعالجة أي تطوّر على الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى بلسمة الجراح، وتقديم العون والمُساعدة للمُواطنين في الكوارث الطبيعية.

وإذا كانت الدول الراقية تُولي اهتماماً للمُؤسّسة العسكرية والأمنية وترصد لها ميزانيات كبيرة، انطلاقاً من أنّ توفير الأمن ينعكس استقراراً على الدورة الاقتصادية وكافة مناحي الحياة، فإنّ الموازنة التي أقرّها المجلس النيابي جرى فيها تخفيض البنود المُتعلّقة بالجيش والمؤسّسات الأمنية، على الرغم من ازدياد المهام، علماً بأنّ "مزاريب الهدر" كثيرة، ولم تتم المُعالجة الجذرية لها، وهي مُتعدّدة، ولعل الأملاك البحرية المُستباحة في طليعتها، فضلاً عن دفع مبالغ باهظة كبدل إيجار لوزارات ومُديريات وهيئات في الدولة اللبنانية، التي تُؤجّر مبانٍ وأراضٍ بأسعار رمزية، وتفوق أضعاف ما تحتاج إليه المؤسّسات التي تحفظ الأمن والاستقرار، ويبقى ضبّاطها وجنودها مُستهدفون بلقمة عيشهم في الخدمة، أينما اقتضت الضرورة، واستدعت الحاجة، وبعد التقاعد.

لكن على الرغم من كل مُحاولات التضييق والحسومات والاقتطاع، إلا أنّهم سيكونون حُماة وطن اختاروا أنْ يفتدوه بمعمودية الدم، وهي التضحية الأسمى التي لا تُقدّر بثمن.

عيد مُبارك، على أمل استكمال الانتشار، فوق ما تبقّى من أراضٍ لا تزال ترزح تحت نير الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.