اشارت "الاخبار" الى انه في الأول من أيار الماضي، أقامت جمعية "المعلم ​بطرس البستاني​" في "سي سايد أرينا" احتفالاً رسمياً في الذكرى المئوية الثانية لميلاده، حضره ​رئيس الجمهورية​ ورئيسا ​مجلس النواب​ والوزراء وحشد من الشخصيات. خلال الحفل، مرّ اسم "المدرسة الوطنية" التي أنشأها البستاني في ستينيات القرن التاسع عشر، سريعاً على لسان وزير التربية والتعليم، ​أكرم شهيب​، الذي لم يتبادر إلى ذهنه، ربّما، أن المدرسة أضحت خربة آيلة إلى السقوط، وأن العمارة الأثرية التي يعود بناؤها إلى أواسط القرن التاسع عشر يتربّص بها مصير مأساوي ما لم تتخذ ​وزارة الثقافة​ إجراءات سريعة وفاعلة لترميمها وحمايتها. إذ بحسب معلومات "الأخبار"، فإن مالك العقار استحصل من ​بلدية بيروت​، منذ سنوات، على ترخيص يجيز له هدمه لبناء عمارة حديثة.

مصدر في وزارة الثقافة نفى أن يكون الترخيص قد أعطي في الأساس، على اعتبار أن |مرجعية الترخيص تعود أولاً للمديرية العامة للآثار في الوزارة التي يُستحال أن تجيز الهدم قبل الكشف على العقار|، والنظر في ما إذا كان يشكّل |أهمية على الصعيد التاريخي والتراثي والأثري" تمهيداً لحمايته. وهي حماية تفترض أن تُدرج الدولة مبنى المدرسة على "لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية" كإجراءٍ أولي يقيه من "هفوة" المالك، على أن يصار إلى تعويض الأخير مادياً، تبعاً لما تنص عليه مفاعيل قانون ​الآثار​ القديم (166/1933) المعمول به حالياً.

اللافت أن ما ذكره المصدر يتضارب مع مصدر آخر في الوزارة، أبلغ "الأخبار" إن المبنى "كان مدرجاً على لائحة الجرد العام"، ولكن في الفئة (C)، التي تعدّ الأضعف من ضمن التصنيفات الثلاثة (A, B, C) التي تعتمدها ​مديرية الآثار​. التضارب في المعلومات خلق نوعاً من الالتباس لناحية الجهة الموكلة بالتحكم بمصير المدرسة وبآليات ترميمها.

لكنه لا يلغي بالضرورة التساؤلات التي أثارها ناشطون ومهندسون معماريون، فضلاً عن أهل المنطقة، لناحية الإهمال الطويل الذي نخر جدران المدرسة العلمانية الأولى من نوعها في المشرق العربي، والتي جابهت لدى تأسيسها في عام 1863 "سطوة" الإرساليات التعليمية في ​زقاق البلاط​ التي كانت "محطة على طريق النهضة العربية"، بحسب المعماري عبد الحليم جبر. الأخير يشدّد على "الأهمية التاريخية والفكرية الكبرى" لزقاق البلاط التي تعدّ "جزءاً أساسياً مكوّناً للجمهورية اللبنانية وليس فقط لبيروت". جبر أبدى تحسراً على مصير "المدرسة الوطنية" التي أقفلت أبوابها عام 1877 بسبب "ضخ الأموال والتمويل" نتيجة التوجّه الطائفي الذي سرعان ما طغى، حينذاك، على التعليم العلماني وتغلّب عليه في النهاية.