قامت الدنيا ولم تقعد حين طالب وزير العمل ​كميل ابو سليمان​ بتطبيق ما تنصّ عليه القوانين ال​لبنان​ية في ما خص عمالة ​اللاجئين الفلسطينيين​ في هذا البلد. وترواحت مروحة الاتهامات بحق اللبنانيين من "العنصرية" الى ""التجويع والمشاركة بالاضطهاد"... كل ذلك لأنّ لبنان "تجرأ" وطلب من اللاجئ الفلسطيني ان يلتزم بما ينص عليه القانون اللبناني لجهة شروط العمل، فيما يخضع العامل اللبناني ايضاً لشروط قاسية بدأت تطبّق عليه بجدية اكبر، في ظل وضع اقتصادي مأزوم يعيشه لبنان بشهادة الجميع.

وانتقل الفلسطينيون في لبنان من كونهم "مظلومين" الى كونهم من يرغب في التحكم باللعبة، فبدأوا التهويل عبر التهديد بوقف تحويل أموال الفلسطينيين من الخارج الى لبنان، وعمدوا الى تنظيم التظاهرات والاحتجاجات، وحرّكوا وتيرة منظّمات ​حقوق الانسان​، وحاولوا التأثير على العملة اللبنانية من خلال بلبلة طبع العلم الفلسطيني عليها، فيما تنمّ كل هذه الاجراءات والتحرّكات على ان اللاجىء الفلسطيني في لبنان ليس "مظلوماً" البتة!.

كل ما سبق ذكره كان الى حدّ ما مقبولاً، قبل ان تصدح اصوات الرصاص والقذائف الصاروخية من ​مخيم عين الحلوة​، حيث نظّمت مسيرة احتجاجيّة على تطبيق الدولة للقانون (في سابقة لم تشهدها أيّ دولة في العالم!)، واغتيل احد المشاركين فيها ويدعى حسين علاء الدين ويلقب بـ"الخميني". وفجأة، تحوّل مخيم عين الحلوة في الجنوب الى ارض معركة، وباتت مدينة صيدا المجاورة مشابهة لمدينة "أشباح" بفعل تدابير الحيطة والحذر التي اتخذها الصيداويون لتفادي الرصاص الطائش و"مكرمة" الفلسطينيين في المخيم، علماً ان المسلحين في المخيّم عمدوا الى "تهجير" عدد كبير من العائلات الفلسطينيّة الى أرجاء مدينة صيدا التي فتحت ابواب المساجد والمؤسسات الرسميّة لاستقبالهم. والسخرية أن هناك من خرج ليقول إن ما حصل كان على خلفية اشكال فردي، أيّ انه لا يمتّ الى ما يدّعي البعض أنّه "حقوق الفلسطينيين" بصلة.

اما بعد، وازاء هذا المشهد المخزي، وفي ظلّ الهجمة التي يتعرّض لها اللبنانيّون، هل هناك من يتذكّر ان للبنان حقوق على اللاجئين، أم أن من استقبلناهم على ارضنا باتوا يطبّقون المثل العاميّ "الفاجر يأكل مال التاجر"؟ وللتذكير فقط، فإنّ من تناسى او يتناسى، هناك حقوق يجب على اللاجئين ان يؤمّنوها للبنان قبل ان يطالبوا بما يدّعون انه حق لهم:

1-على كل لاجىء ان يلتزم بتطبيق قانون البلد الذي يستقبله، ولمن يعتبر ان في الامر "خديعة"، ما عليه سوى مراجعة اقربائه واصدقائه في أي بلد في العالم ليخبروه عن حقيقة هذه القاعدة البسيطة التي لا يجب ان تشهد اي جدال او بحث.

2-على الفلسطينيين تسليم اسلحتهم الى ​الجيش اللبناني​، فهم إن لم يقتلوا بعضهم بها، يعمدون الى قتل عناصر الجيش او اللبنانيين، وهو أمر لا يجوز ولا يمكن قبوله بعد اليوم. فما الحاجة الى السلاح في المخيمات او خارجها الا اذا كان الهدف ترسيخها كجزر أمنيّة مستقلة، وفي حال ارادوا الاستقلاليّة في هذا الامر فعليهم ان يرضوا بالعيش في المخيّمات وعدم الخروج منها، وليس فرض ما يريدونه او يرغبون به ولو اتى على حساب لبنان واللبنانيين. هل هناك مخيّمات مسلّحة في سوريا أم الاردن أم مصر أو تركيا او فرنسا ام المانيا ام الولايات المتحدة ام اوستراليا؟... وهل اقتناء السلاح للاجىء هو حقّ من الحقوق المكتسبة؟!

3-كيف يمكن الثقة باللاجئين الفلسطينيين وقد اظهروا عند اول عقدة لا تلائمهم، وجههم الآخر القائم على الإرهاب وفرض منطقهم بالقوّة؟ ما هذا التبدّل القياسي في الموقف في غضون أيّام قليلة؟ وهل نسي الفلسطينيون أنّ لبنان هو البلد الوحيد في العالم الّذي لا يزال يتضامن معهم قولاً وفعلاً، ويعمل من أجل قضيّتهم في وقت باع الكثير من المسؤولين الفلسطينيين هذه القضية من اجل "حفنة من الدولارات او المصالح الشخصية"؟! وباتالي، من حقّ لبنان أن يضاعف الرقابة على المخيّمات الفلسطينيّة واللاجئين بشكل عام، وليس الاكتفاء بمراعاة اوضاعهم.

4-على الفلسطينيين ان يسلّموا أمرهم للقوى الامنيّة اللبنانيّة و​القضاء اللبناني​، تماماً كما هو حال اللبنانيين، فلا يمكنهم ان يشكّلوا قوى امنيّة خاصة بهم ولا قضاء يتبع لهم، والا ما معنى لجوءهم الى بلد طالما انهم يسعون الى اقامة بلد داخل البلد؟.

لا معنى للسكوت عن الحق والمطالبة بالحقوق بعد اليوم، انما المطالبة بحقّ اللبنانيين على الفلسطنيين وليس العكس، والا سيصبح اللبناني لاجئاً في دولة المخيّمات الفلسطينية في لبنان.